تأتي الإجراءات والممارسات الاحتلالية
الإسرائيلية في مدينة القدس، وخاصة في المسجد الأقصى، في إطار العقوبات الجماعية
للشعب الفلسطيني والانتهاكات الصارخة لحرية العبادة والعقيدة، وحرية الوصول إلى
الأماكن المقدسة، وحق ممارسة الشعائر الدينية التي تكفلها المواثيق والاتفاقيات
الدولية.
رئيس الحكومة الإسرائيلية (نفتالي
بينيت) يزعم أنه أكد لكل من وزير الأمن الداخلي (عومر بارليف) والقائد العام لشرطة
الاحتلال (كوبي شبتاي) ضرورة «ضمان حرية المسلمين في العبادة» وهو ما تكذبه
الكاميرات، فهو من أعلن منذ توليه منصب رئاسة الحكومة العام الماضي «حريّة اليهود
في العبادة في الحرم القدسي» وهو ما يخالف «الوضع القائم (status
qua)» في المقدسات بالقدس الشرقية المحتلة
السائد منذ مئات السنين في المدينة. وحتى الأمس تتواصل «هذه الحرية» وصولا لتحقيق
المبتغى الصهيوني من المعادلة وهي التقسيم الزماني والمكاني للمسج? الأقصى. كذلك،
فهو ليس المسؤول الصهيوني الوحيد الذي تحدث عن هدف تغيير الـ (status qua) المعمول به في الحرم
القدسي، فالوزير (بيني غانتس) حين كان وزيراً للأمن ورئيساً مشاركاً (لبنيامين
نتنياهو) في رئاسة الحكومة أعلن صراحة: «سنحافظ على حرية الجميع في العبادة في كل
الأماكن المقدسة». وقبلهما أعلن (نتنياهو) كذلك: «سنحافظ على حرية العبادة في
القدس، ولن نسمح بأعمال تخل بالنظام».
منهجية العمل الذي تمارسه الدولة
الصهيونية يرى في الممارسة على الأرض أداة عملية فاعلة أهم من التصريحات، فالثانية
لذر الرماد في العيون، فيما الأولى قادرة على خلق واقع جديد دون التصريح به. وهذا
تماما ما يحدث هذه الأيام في المسجد الأقصى، ففي حين يتراجع الساسة الإسرائيليون
عن تصريحاتهم بشأن مساعيهم تغيير الـ (status qua)،
تظهر أكاذيبهم على الأرض بشأن حرصهم على الوضع القائم بالأقصى، ولعمري أنها محاولة
مفضوحة هدفها تضليل المجتمع الدولي والتغطية على جرائمهم ضد القدس ومقدساتها. من
هنا يتم منع الرجال دون سن الـ50 من?سكان الضفة الغربية من دخول القدس للصلاة في
الأقصى، وإغلاق شوارع زهرة المدائن في وجه المصلين ووضع الحواجز على الطرق لمنع
وصول حافلات المصلين، ولهذا السبب يتم اقتحام الحرم القدسي وإطلاق الأعيرة
المطاطية وقنابل الغاز وضرب المصلين والمعتكفين فيه بالهراوات بمن فيهم النساء
والأطفال واعتقالهم وتدنيس جنود الاحتلال الأماكن المقدسة بما فيها المسجد القبلي.
دولة الاحتلال تدعي أنها تتيح حرية
العبادة للجميع في محاولة لإظهار نفسها مدافعة عن حرية العبادة، فهي ليست ضد صلاة
المسلمين في الأقصى، ولكن من واجبها الدفاع عن حق اليهود الصلاة فيه، وكأن المسلمين
«المتعصبين» هم الذين يواجهون الراغبين بالصلاة من اليهود بالرفض والعنف، وعندها
لا تظهر القضية وكأنها احتلال، بل رفض إسلامي لمسألة التعددية و"حرية العبادة
للجميع».
حرية العبادة لا تعني دولة الاحتلال
بشيء، بل إن ما يشغلها هو كسر شوكة الشباب الفلسطيني الذي بات ملازما للأقصى. ندرك
أن جوهر الصراع ليس بين الديانات، بل هو صراع على المكان، الأقصى، أحد أكثر حلقات
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حساسية، لذا، سوف تستمر الاعتداءات على الأقصى وعلى
المصلين فيه، وتبقى المواجهة مستمرة بفضل نضالات المقاومين على أرض الرباط والحشد
المدافعين عن فلسطين وعن شرف الأمتين العربية والإسلامية.