شكَّل مشروع قانون الأحزاب نقلة
نوعيَّة في فلسفة تغيير النهج بأولويات المشاركة السياسية بعد أن فشل العمل الحزبي
في نقل البلاد إلى مجالات العمل المؤسسي الجماعي وفشلت معه الكتل البرلمانية في
ترسيخ مفهوم المشاركة السياسية الخالية من الانطباعات الشخصية والمواقف الجاهزة؛
بل لم تنجح كل المحاولات الحكومية لتشجيع الأحزاب على النهوض بالعمل الحزبي سواء
بالتمويل أو غيرها.
والحقيقة أن المسافة بين العمل
البرلماني والعمل الحزبي بقيت واسعة باستثناء تجربة الحركة الإسلامية المتواضعة
والتي بقيت تثير الجدل في كل انتخابات بين المشاركة وعدمها يُرافق ذلك الواقع
العشائري الذي تجاوز العمل الحزبي بخطوات كبيرة، وبقي هو المهيمن على المشهد
الانتخابي منذ بداية تسعينات القرن الماضي مرتكزاً في ذلك على صدور نظام الصوت
الواحد الذي شكَّل سمة للحراك السياسي منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.
التوجيهات الملكية بتشكيل لجنة التحديث
والتطوير السياسي صنعت فرقاّ حقيقياً في نقل الحياة السياسية إلى أفاق إيجابية وما
مشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب إلا أمثلة شاهدة على هذه النقلة وإقرارهما
بالصورة التي وضعا بها من الحكومة تعد خطوة رائدة في الإتجاه الصحيح، ولعل إجراء
تعديلات بسيطة غير جوهرية ستؤدي إلى تسارع التحديث السياسي ونقل البلاد إلى صورة
أكثر إشراقاً وفاعلية.
لا نتفق مع قرار مجلس النواب بتخفيض
نسبة المرأة والشباب في المرحلة الأولى للتأسيس لأن ذلك يخالف استراتيجية
التَّمكين الذي سعت إليه لجنة التحديث والتطوير السياسي، وكذلك فإن تقليل الفئات
غير المسموح لها بممارسة العمل الحزبي يجب أن تتقلص إلى أدنى درجة ممكنة؛ لأن
العمل الحزبي عمل وطني بالمقام الوطني، وممارسة الدور الحزبي لا ينتقص من حيادية
واستقلال تلك الفئات باستثناء الجيش والأجهزة الأمنية التي نتفق مع الرأي القائل
بضرورة أن تبقى بمنأى عن التجاذبات الحزبية والسياسية.
حزب الميثاق الوطني سيسعى جاهداً ومن
خلال ممثليه الكثر في مجلسي الأعيان والنواب؛ لتعزيز مخرجات اللجنة الملكية في
مشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب تأكيداً لرسالة الحزب في ضرورة النهوض بالحياة
السياسية والحزبية كمقدمة ومتطلب ضروري لتحسين الوضع الأقتصادي ودفع الوطن إلى
مربع التطور الذي يرتقى لمستوى تطلعات جلالة الملك وشعبنا الأصيل.