ماهر ابو طير
يثير الكلام عن الغاء الاعفاءات الطبية، ردود فعل غاضبة، فالقرار غير واضح، فوق انه يسبب تشويشا كبيرا لعدم شرح تفاصيله.
لابد من شرح القرار، فلا يعقل ان نبدأ العام الجديد، بقرار الغاء الاعفاءات الطبية، لبعض المستشفيات، مثل المدينة الطبية والمستشفيات العسكرية، او مركز الحسين للسرطان، اضافة الى منع حصول المستفيد من تأمين صحي خاص، من هذه الاعفاءات، وكأن التأمين الخاص، لاعيب فيه ولاعيوب.
السبب في ذلك بسيط، اذ ان هناك مئات الاف الاشخاص لديهم ملفات طبية في هذه المستشفيات، ويراجعون باستمرار، ولا يعقل ان تتذكر الجهات الرسمية، وجود تأمين خاص، معهم اليوم، وهذا يعني قطع علاجهم، فعليا، واضطرارهم لاستعمال تأمين خاص- اذا توافر- وهو لن يغطي كل كلفة علاجهم من جهة، ولن يكون لديه اساسا كل المعلومات، حول الحالة الصحية للمريض.
كما ان الكلام عن الغاء الاعفاءات الطبية، لم يحدد الشروط الجديدة بشكل واضح، ولا اسماء المستشفيات، ولاطبيعة الامراض، كما ان هناك تشويشا بين اعفاءات الحكومة واعفاءات الديوان الملكي، برغم ان البعض يحاول ان يصور القصة باعتبارها حكرا فقط على اعفاءات الحكومة، وان اعفاءات الديوان الملكي مستثناة، من اي الغاء، وهذا قد لايكون صحيحا، لان اعفاءات الديوان الملكي تصدر بالتنسيق مع الحكومة، على كل المستويات، بما فيها الجانب المالي، والامر يشمل فعليا اعفاءات الديوان الملكي.
هذا امر سلبي بكل ماتعنيه الكلمة، لان توفير المال في ملف العلاج، توفير بائس، فلا احد في هذه الدنيا، يتكسب من الحصول على اعفاء طبي، ولا احد يحب ان يذهب الى مستشفى، والرؤية التي تريد توفير ملايين الدنانير من علاج الناس، لم تترك للناس شيئا، فلماذا يتم التعامل مع الناس بهذه الطريقة، وفتح جبهات جديدة عليهم في حياتهم، وبدلا من التجرؤ على الناس، في علاجهم، كان الاصل ان تتقشف الجهات الحكومية في ملفات اخرى، اقلها علاج كبار المسؤولين، والنواب والاعيان والوزراء، العامل منهم والمتقاعد، وعائلاتهم، والمؤكد هنا ان فاتورة علاجهم، كبيرة جدا، ولا يرضى احد فيهم في الاساس، بأن يتنازل ويتواضع ويذهب لمستشفى حكومي، مثلما يطلبون من الناس اليوم.
هذا ملف حساس، والذي نصح بخفض نفقات العلاج بهذه الطريقة، صاحب قلب اعمى، لاننا بهذه الخطوة، نحرم مئات الاف الناس، من العلاج في المستشفيات العسكرية، ونحرم ايضا مئات الاف الاشخاص، من العلاج على حساب الدولة، بذريعة وجود تأمين خاص، وكلنا يعرف ان التأمين الخاص، له سقف، ويجبرك على دفع نسبة من العلاج، هذا اذا غطى كل الامراض او المداخلات الطبية.
ملف لابد من فتحه، وعلينا عدم السكوت عن هكذا قرار، فهو اخطر قرار نبدأ به العام الجديد، قرار بحرمان الناس، من آخر ما تبقى لهم…؟!.
عن الدستور