بقلم: د. اسعد عبد الرحمن
منذ بدايات الصراع مع الدولة
الصهيونية، سجلت المرأة الفلسطينية عبر المسيرة النضالية للشعب الفلسطيني علامة
فارقة في الثورة الفلسطينية، ولعبت دورا في التصدي للاحتلال. حملت السلاح وخبأته،
ونظمت المظاهرات والاحتجاجات، فاستشهدت، وجرحت، وأسرت، وأبعدت. لكن كل ذلك لم
يثنها أو يحبط عزيمتها، فعلى مدار سنوات الصراع الطويلة تعرضت، بحسب إحصائية وكالة
الأنباء الفلسطينية (وفا)، أكثر من 16.000 فلسطينية (بين مسنة وقاصر) للاعتقال في
سجون الاحتلال الإسرائيلي، بلغت ذروتها في فترة الانتفاضة الأولى (التي اندلعت في
العام 1987) إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوفهن إلى نحو (3000) فلسطينية.
أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية
(انتفاضة الأقصى) التي اندلعت عام 2000، فقد وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء
الفلسطينيات إلى نحو (900) فلسطينية. وخلال السنوات الأخيرة، تفاقمت معاناة
الأسيرات الفلسطينيات. وفي العام المنصرم 2021، تم اعتقال (184) فلسطينية، أغلبهن
من القدس، وهذا العدد يُشكل زيادة قدرها 44% عما سجل في العام الذي سبقه. بينما
بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات اللواتي ما زلن في سجون الاحتلال مع نهاية العام
المنصرم (34) أسيرة، يقبعن في سجن الدامون، بينهن قاصر (15 عاما) تدعى نفوذ حماد،
و(11) أماً.
مؤخرا، الهجمة المسعورة ضد الأسيرات
الفلسطينيات في سجن «الدامون» مستمرة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي تحت ذرائع وحجج
متعددة، لكنها اتخذت في الأسابيع الأخيرة منحى خطيراً في استهدافها الأسيرات
والاعتداء عليهن، ورش غرفهن بالغاز، وفرض إدارة السجون جملة من العقوبات.
وبحسب «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»،
فإن «الأسيرات ما زلن يواجهن في سجن «الدامون» ظروفا اعتقالية قاسية وصعبة جدا،
ويتعرضن منذ لحظة اعتقالهن إلى الضرب والإهانة والشتم، وتمارس بحقهن كافة أنواع
التضييق النفسي والجسدي».
وأوضحت الهيئة، أن «إدارة السجن تمارس
بحقهن أبشع أنواع التضييق، من خلال عزلهن داخل زنازين لا تصلح للعيش الآدمي،
وحرمانهن من النوم لساعات طويلة، والشبح والتخويف، دون مراعاة لظروفهن».
في منتصف الشهر الماضي، صادق الكنيست
الإسرائيلي، بالقراءة الأولى، على 3 قوانين أحدها يستهدف الأسرى الفلسطينيين في
سجون الاحتلال، وينص على تعزيز مصلحة السجون بجنود من الجيش الإسرائيلي، بموجب
قانون «خدمات الأمن». ويهدف هذا التطور إلى تضييق الخناق على الأسرى الفلسطينيين،
وإضفاء شرعية على قمعهم، وسلب أبسط حقوقهم. وبموجب البند رقم (9) بقانون «خدمات
الأمن»، سيتم توسيع صلاحيات العمل بأمر يجيز «تعزيز مصلحة السجون الإسرائيلية»
بجنود من وحدات قتالية وأفراد وحدات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي. هذا الأمر، يؤشر
إلى احتمالي? أن تكون المرحلة المقبلة أكثر قمعاً واستخداماً للقوة المفرطة بحق
الأسرى والأسيرات عموماً.
تجربة الحركة النسوية الأسيرة تكتسب،
وإن تشابكت مع مجمل التجربة الجمعية للأسرى، حالة أكثر ألما ومعاناة، وتحمل في
خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني. فالرجل والمرأة كلاهما يقوم
بدوره النضالي في مقاومـة الاحتلال، وكلاهما يلجأ للعديد من النضالات والخطوات
الاحتجاجية والإضراب المفتوح عن الطعام في سبيل تحسين شروط حياتهم المعيشية
والتصدي لسياسات القمع والبطش. وقضية أسيرات فلسطين تضيف بندا جديدا على أعمال
القيادة الفلسطينية، وحكومات العالم، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان.