د. اسعد عبد الرحمن
تزايدت هذه الأيام، في أنحاء عديدة من
الضفة الغربية المحتلة، نقاط المواجهة المشتعلة بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني
وقطعان المستعمرين/ «المستوطنين» بدعم وإسناد من قوات الاحتلال الإسرائيلي، مع
توفير الحكومة الإسرائيلية الغطاء لإرهاب «المستوطنين».
فبحسب معطيات جهاز الأمن العام
الإسرائيلي ومنظمات حقوقية إسرائيلية فإن اعتداءات «المستوطنين» اتسعت، وذلك خلافا
لتصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية (نفتالي بينيت) الذي زعم أنها «ظاهرة هامشية».
ولعل أهم ما ورد في هذا هو استخدام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (عومر بارليف)
مصطلح «عنف المستوطنين»، وإعلانه أنه بحث مع مساعدة وزير الخارجية الأميركية
(فيكتوريا نولاند) «عنف المستوطنين وكيفية الحد من التوترات في المنطقة وتقوية
السلطة الفلسطينية».
وفيما ترجح التقديرات الصحفية
الإسرائيلية أن الاعتداءات قد يكون عددها أكبر من الأرقام المذكورة، علما أن
الإحصاءات تعتمد فقط على ما وثقته أجهزة أمن الاحتلال، أظهرت المعطيات التي نوقشت
في جلسات مغلقة لمسؤولين بالأجهزة الأمنية ومندوبين عن المستوى السياسي بحكومة
الاحتلال توثيق 1286 اعتداء في الأعوام 2019 إلى 2021. وأظهرت المعطيات أنه «في
عام 2019 نفذت عصابات المستوطنين 363 اعتداء.
أما في عام 2020 فقد تم توثيق 507
اعتداءات إرهابية، في حين سجل بالنصف الأول من العام الحالي 416 اعتداء، ومن
المتوقع أن يتجاوز العدد بنهاية عام 2021 إلى أكثر من ألف اعتداء».
في السياق، قالت مديرة دائرة الأبحاث
في منظمة «ييش دين» الحقوقية الاسرائيلية (زيف شتهل): «المنظمة رصدت تصاعدا في
اعتداءات المستوطنين وخطورتها في الأشهر الأخيرة، إلى جانب تراجع ملحوظ في استعداد
الفلسطينيين لتقديم شكاوى لدى الشرطة الإسرائيلية».
عنف «المستوطنين» ليس ظاهرة جديدة.
فمنذ سنوات طويلة تدعم سلطات الدولة الصهيونية مقارفات المستعمرين، لكن اليوم هذه
الظاهرة آخذة بالتصاعد، و"المستوطنون» يكتسبون جرأة أكبر لتصعيد وتيرة
الاعتداءات وخطورتها. من جانبه، أفادت منظمة «بتسيلم» الحقوقية الاسرائيلية التي
تجمع معلومات حول اعتداءات «المستوطنين» على الفلسطينيين وتوثق قسما منها، أنه تم
رصد تصعيد بنسبة 28 بالمئة في اعتداءات المستوطنين.
وقال مدير عام «بتسيلم» (حغاي إلعاد):
«هذا واقع دائم، ويحقق إنجازات استراتيجية في سياق السيطرة على أراض فلسطينية.
وهذا ما تنفذه إسرائيل بعدة طرق».
مضاعفة اعتداءات المستعمرين/
«المستوطنين» في الضفة الغربية التي تقع برعاية جيش الاحتلال تشي بتزايد فرص
اشتعال انتفاضة بشكل أو بآخر. وما نشهده اليوم هو إنفلات عنصري لحرب مفتوحة
وممنهجة، ولم تعد مجرد عمليات فردية أو منفصلة عن سياق متواصل من الاعتداءات
والتطهير العرقي، التي تشمل سائر الأراضي الفلسطينية وأيضا مدينة القدس المحتلة
ومحيطها ومقدساتها.
ولعل الأخطر في هذا النطاق، أن تمادي
المستعمرين/ «المستوطنين» في الاعتداءات يلقى قبولا في المجتمع الإسرائيلي، وهناك
شبه إجماع عليها بين الغالبية العظمى للتيارات والأحزاب السياسية الإسرائيلية، وهو
القبول الذي يمنح عصابات «المستوطنين» الضوء الأخضر لمواصلة الاعتداءات، فضلا عن
أنها تحظى بدعم وحصانة من قبل جيش الاحتلال الذي لا يحرك ساكنا لمنعها بل ويشارك
فيها أحيانا كثيرة.
هذا ما يفعله المحتلون الإسرائيليون
و«مستوطنوهم»، لكن يبقى السؤال المركزي: ماذا نحن - عربا ومسلمين - فاعلون، علما
بأن أهلنا في الضفة – وحدهم – يخوضون غمار مقاومة تثير الإعجاب؟