بقلم: مهنا نافع
ندعو الله أن يكون 2022 عام خير وبركة
على الجميع، وأن نشهد فيه عودة أبنائنا إلى المدارس من جديد، وأن يصدح عاليا
بأسواقنا أصوات الباعة وضجيج ازدحام المشترين، أما ابني وقرة عيني فسيزف مع عروسه
من بين جمع كبير كله سرور وبهجة، هو جمع غاب عنا، إنه جمع الفرح.
في العام الجديد، ندعو الله أن تتحول
كورونا إلى قصة تروى في صفحة سهلة الحفظ للدارس في كتب التاريخ، وستكون حكاية
تتداولها الأمهات حين الحديث عن الماضي أو نسمعها مرارا من الجدات الجميلات محبات
سرد الذكريات، وأما الفلاسفة فسيكتبون عنها بأنها الحدث الذي وحد جميع البشر
وجعلهم يدركون أن الأرض التي وهبت بطبيعتها المناسبة لهم، قد تصبح عدوتهم بسبب
(عبثهم) وجورهم عليها، ولن تظل آمنة إن هم لم يتوقفوا عن فعل ذلك الآن، ويجب عليهم
أن يغيروا جميع الأنماط السيئة التي تهدد الطبيعة ومواردها، لا من أجل إنقاذها فقط
ولكن لإنقاذ أبنائهم واحفادهم.
إن هذه الأرض، مهما كانت كبيرة ومتسعة
في فهم عقولنا، فهي كالسفينة الصغيرة إن قام عابث بخرقها فحتما ستغرق كلها، وقد
علمنا فيروس كورونا أنه ما من أحد آمن مهما أمتلك من قوة ومال إن لم يكن جاره كذلك
آمن.
إن الارض لن تعود كما كانت طالما استمر
هذا النهج العبثي تجاه طبيعتها، وهي التي كانت توصف في السابق بأنها تعالج نفسها
بنفسها، ولكننا نسينا أن هناك دائما نقطة اسمها نقطة اللاعودة، بالتأكيد آمل أن
نستيقظ وننتبه فقد نكون قد اقتربنا منها.
العالم الآن في حالة حرب مع هذا
الفيروس، وبالطبع حالة الحرب تختلف عن حالة السلام، فلا أحد الآن يمتلك رفاهية
الوقت في أي مضمار كان، فعلى الصعيد الاقتصادي تعاني الدول العظمى قبل الصغيرة من
صعوبات اقتصادية خطيرة، وانكماشات غير مسبوقة وركود في الأسواق، وكثير منها عرضة
للانهيار، فهي أشبه بإحدى نظريات انقراض الديناصور في العصر الجليدي، والتي صورته
نهما ولا يكفيه القليل من الغذاء، لذلك انقرض بعد انحسار رقعة الطعام، ربما لو كان
يكتفي بالقليل في ذلك العصر لاستطاع النجاة، لنأمل بأن لا يحدث كل ذلك وتنتهي هذه
الجائحة وبسرعة.
العديد من المجتمعات التي تعودت على
الاستهلاك المجحف للموارد ستكون أول من سيدفع ثمن هذا الجور، وأول خسارة برأس
القائمة هي دائما سلة الغذاء.
أما نحن، فطبيعة نمط استهلاكنا لكل ما
هو مستورد وترك الخير لدينا من موارد ككنز متروك، خرجت تسميته عن المألوف فكانت
(الكنز المهمل) فإن مواردنا ما تزال بخير، فنحن بالأساس لم نحسن أو بالحقيقة لم
نستغل إلا اليسير منها، لذلك الأجدر الآن أن نلتفت إليها ونستفيد منها بالعلم
والحكمة والاعتدال.
إن الأراضي الصالحة للزراعة هي أول ما
يجب حسن استغلاله تحسبا لأي ظرف من ضعف او انقطاع لخطوط الإمداد الغذائي، أو من أي
تداعيات إقتصادية للجائحة، والتي قد تؤثر على السلة الغذائية العالمية ككل، فلنكن
على دراية بذلك ونعود لذات التربة الحمراء، فهي الملاذ الوحيد لتجاوز أي من تلك
التداعيات، وهي الآن اشتاقت لنا ولسواعدنا، فلنحافظ عليها ولنحسن استغلالها ولنوقف
أي زحف للمدن نحوها، وهي الآن تنادي : عودوا ابنائي، عودوا إلينا.