بقلم: مكرم أحمد الطراونة
حتى إلى ما قبل أسبوع، كانت التقديرات
جميعها تشير إلى أن رئاسة مجلس النواب أمر شبه محسوم للرئيس الحالي عبد المنعم
العودات، فهذه التقديرات تم رصدها من خلال قراءة توجهات ومواقف النواب أنفسهم، في
حين أن جل السياسيين والمتابعين كانوا يتوقعون بقاءه في موقعه قياسا بأداء الرجل.
لست في صدد الترويج للعودات، أو
التقليل من شأن النائب عبدالكريم الدغمي، أو النائب نصار القيسي، وهما رجلا دولة
مخضرمان لهما كل الاحترام والتقدير، وهما قادران على قيادة دفة البرلمان في أحلك
الظروف.
بيد أن التساؤل الذي أرى أن من حقي
كمواطن وكمتابع أن أطرحه، يتمحور حول الاستفهام عما حدث ويحدث في كواليس انتخابات
رئاسة المجلس النيابي، وهو الحدث المهم، في تقديري، والذي دفع بصورة سريعة العودات
للانسحاب من سباق المنافسة؟ وهل الرئيس الحالي مقتنع بشكل تام بقراره بالانسحاب،
وهو القرار الذي لم يعلن عنه بشكل رسمي حتى الآن؟ قد يكون هذا هو سؤال المليون كما
يقولون، فلو بقي التنافس قائما بين النواب الثلاثة وأسفرت النتيجة عن خسارة
العودات لكان الأمر منطقيا وأكثر إقناعا.
في الجانب الآخر من المعادلة، هل يمكن
أن العودات، وبحسابات دقيقة، وجد نفسه غير قادر على الفوز، أو أنه رأى أن تجربته
الأولى في الرئاسة فشلت، ليغادر السباق بهذا الشكل الغريب، أم أن للأمر علاقة بما
يجري من هدوء على الصعيد المحلي، أو هو جزء من تغييرات قد نشهدها بأي لحظة، أم
للشأن الخارجي وتحولاته وتأثيره على المملكة على جميع الصعد علاقة بذلك؟
في الأيام الأخيرة التقيت عددا من
النواب، وبحكم الفضول الصحفي كان سؤالي لهم عما يحدث في أروقتهم، وفي حقيقة الأمر
لم أسمع من أي أحد منهم جوابا واضحا وصريحا بهذا الاتجاه، وكل ما التقطته في
عيونهم هو الاستغراب من تسارع الأحداث وتحولها!
من الطبيعي جدا أن يشهد أي سباق انتخابي
في أي مكان في العالم انسحابات باللحظة الأخيرة، تسبقها توافقات على أمور ما،
ويسارع من يرغب بالانسحاب إلى إعلان ذلك دون تردد. في حالة العودات لم نسمع منه،
حتى الآن، تصريحا صحفيا، ولا حتى تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فنحن عرفنا
بانسحابه من محيطه الشخصي ليس أكثر.
عدم إعلان العودات انسحابه يولد أسئلة
كثيرة، وفي بعض الأحيان قد تتولد الشكوك حول ما يحدث، لكن في النهاية لا يسعنا سوى
احترام رغبته، إن كانت كذلك، واحترام كل من النائب الدغمي، والنائب القيسي، وتمني
التوفيق لهما، فهما بالنهاية يمثلان الشعب الأردني ويمتلكان قدرة عالية لخدمة
قضايا الوطن.
لكن، وبالعودة إلى الانسحاب المفاجئ
للعودات، فحتما هناك شيء مخفي وراء كواليس التطورات الدراماتيكية التي طفت على
السطح منذ الأربعاء الماضي، فأسبوع واحد كان كفيلا بقلب الموازين في بيت التشريع
الأردني. لذلك، يبقى السؤال محتاجا إلى من يخرج ليوضحه لنا: ما الذي جرى خلف تلك
الكواليس؟!
عن
الغد