إذا كنا قد عبرنا الشتاء الماضي،
موسماً ضعيفاً، من الأمطار أدى الى نقص المياه في المملكة، من حيث تزويد
المواطنين، وتأثيرات ذلك على الزراعة، فماذا سنفعل في 2022؟
السؤال هنا، ليس قدحا في غامض الغيب،
فنحن نتمنى ان يرزقنا الله، بشتاء غزير هذا العام، ولا احد يعلم الغيب، برغم ان
الخرائط كلها تتحدث مسبقاً، عن موسم ضعيف، أيضا، لكن رحمة الله، فوق كل شيء، هذا
مع معرفتنا ان العلم هبة من الله، لكل البشرية.
عشنا شبه جفاف، وتراجع تزويد المياه
للمواطنين، ليوم واحد في الاسبوع، ولعدة ساعات، وترك ذلك اثرا في الزراعة، بأشكال
مختلفة، وجفت بعض السدود، وبعض السدود الثانية تعاني من طبيعة المياة المخزنة، وها
نحن نهاية شهر تشرين الأول، ونرجو الله، ان يكون امامنا ايام ماطرة بالغيث، لكن
النقص الحاصل كبير جدا، خصوصا، مع حاجة السدود الى التعبئة مجددا، وقد جف بعضها
تماما، اضافة الى وضع المخزون الجوفي السيء، مع ما يمكن قوله حول مياه الديسي التي
بحاجة للمزج اصلا مع مياه ثانية، حتى تصبح صالحة للشرب، وعدم وصولها اساسا الى كل
مناطق المملكة، وهي قصة ثانية، يعرفها الجميع، بمن فيهم الخبراء.
الحكومة مطالبة منذ الان، بالاستعداد
لموسم مطري قد يكون ضعيفا، واذا كانت الحكومة ذهبت لإسرائيل واشترت كمية مياه
اضافية، برغم ما اثاره ذلك في كيان الاحتلال، الا ان المراهنة على شراء كمية اكبر
العام المقبل، مراهنة سوف تخيب، خصوصا، ان هناك مشاكل ايضا في قصة المطر في فلسطين
المحتلة، ومشاكل مختلفة ترتبط بمخزون المياه، وهذا يقودنا كلنا الى التساؤلات حول
ما ستفعله الحكومة، منذ الان، دون انتظار صيف العام المقبل.
اذا كان الموسم المطري ضعيفا، ايضا،
الشتاء المقبل، فإننا امام مشاكل كبرى تفوق الذي رأيناه هذا العام، على مستوى
تزويد المياه للمواطنين، وعلى مستوى الزراعة، التي سوف تتضرر بشدة، وقد تختفي بعض
منتجاتها، وترتفع اسعار منتجات ثانية، خصوصا، أن القطاع الزراعي يعتمد بنسبة 70 %
على الآبار الارتوازية، المستنزفة اليوم، بسبب قلة التغذية المطرية، ويعتمد ايضا
على مياه السدود، بنسبة 30 %.
هذا يأخذنا الى وضع صعب وحساس العام
المقبل، لا بد له من حلول مبكرة، وهي حلول لا نراها على ارض الواقع، حتى الان،
خصوصا، ان الحلول المطروحة، كلفتها مرتفعة جدا، وبحاجة الى وقت طويل من اجل
تنفيذها، وليس امامنا الا الحلول المتاحة، اي تجديد الابار الموجودة، او عقد
اتفاقيات مع اصحاب الابار الخاصة، وهي حلول جزئية، لا تحل المشكلة.
مثل هذا الكلام يثير الكآبة والشعور
باليأس، لكننا امام ازمة احد اوجهها زيادة عدد السكان الذي وصل الى اكثر من عشرة
ملايين شخص، مواطنين ومقيمين، والتوسع في استعمالات المياه، خصوصا، في الزراعة،
وغير ذلك، كما أن غياب التمويل للمشاريع الكبرى، وجه آخر للمشكلة، إضافة إلى سوء
التخطيط، وانتظار الازمات حتى تقع، والتصرف في اللحظات الاخيرة، بدلا من الحلول
الاستراتيجية، التي تستبق الازمات، بلد يصنف من افقر دول العالم، على صعيد المياه،
وفقا لكل الدراسات العلمية التي يتم الاعلان عنها كل فترة، خصوصا، مع انخفاض نسبة
الهطول المطري إلى نحو 60 % من المعدل طويل الأمد.
حتى المراهنة على الوصول الى صفقة مع
السوريين، غير معروفة النتائج، إذ إن ذات السوريين يعانون من مشاكل المياه، ونقص
تدفقات الانهار، وتأثرهم بمواسم مطرية شبيهة بالاردن، فيما حل الناقل الوطني
لتحلية مياه البحر، بحاجة الى كلف مليارية.
كل القصة مجرد عصف ذهني، حول ملف مقبل
على الطريق، برغم أننا نستسقي رحمة الله اولا واخيرا، الا ان المؤشرات العلمية
مثيرة للقلق، على مستوى ما سنراه عام 2022.
ماذا ستفعلون…هذا هو السؤال؟
عن
الغد