بقلم: مهنا نافع
انت ريادي فلتدرك ذلك جيدا، ولتعلم ان ذلك ليس بسبب اقتناء رقما سلسا لبطاقة جهاز محاكاتك، ولا بسبب اقتناء رقما سهل الحفظ علقته على طَرَفي راحلتك، انت ريادي لأنك اجتهدت واصرَرت أن تسير على طريق تحقيق أحلامك، فهي التي استحوذت على فكرك، فقدمت لها جل جهدك وإخلاصك، وستصل لهدفك إن بقيت متمسكا بها ولم تخذلها بأي شئ من التناسي او النسيان، فاستمر ولا تتوقف ولا تكترث لأي رأي محبط يصدر من اي غيور كان، لا يعرف صاحبه قراءة ابسط كلمة من كلمات مرادك القادم فأنت من خط الطريق وكتب العنوان .
دائما كان المنطلق الأول لانجازات الشباب الأردني في مجال تكنولوجيا المعلومات وهندسة البرمجيات والحاسوب من حواضن اعمال الجامعات، وقد كان للمنافسة بين هذه الجامعات دور كبير لتبني هذه الطاقات، وحتى ان المبدعين من طلبتهم حصلوا على منح دراسية كتقدير لهم، والبعض منهم حظي باهتمام واسع من الكثير من الوسائل المحلية للصحافة والاعلام، هي إنجازات تجاوزت المفهوم العام للمشاريع الطلابية النمطية إلى مفهوم جديد من الابداع وصل بتميزه وريادته إلى وصف استحق ادراجه بقائمة الاختراعات والابتكارات التكنولوجية الحديثة .
بالطبع هذا التميز لم يكن ليكتمل لو لم يجد التبني والإهتمام المتواصل من حواضن اعمال هذه الجامعات ولا ننكر ايضا الأثر المحفز لتشجيع هؤلاء الطلبة للاستمرار بتطوير إنجازاتهم وذلك عند استضافتهم على الفضائيات واعطائهم الفرصة لتقديمها والشرح عنها بكل ثقة وحماس .
لقد كان لكل ذلك أثرا طيبا ايضا علينا كمتابعين، وذلك بأن أخرجنا من المنظومة القديمة من تكرار اللوم بعدم تقدير كل ما هو جديد من الإبداع والإبتكار ، وأزال كل المصفوفات من جلد الذات وجمل الاحباط والخذلان، نعم لقد خرجنا من كل ذلك إلى عالم الامل التفاؤل والثقة بقدرات الشباب من أبنائنا، وأن الأمر سيكون دائما موضع تقدير وجدير بالاهتمام والمتابعة، لذلك يجب علينا الآن أن نطرح سؤال يتعلق بالنقطه الأهم وهو
أين سيذهب اصحاب هذه الطاقات الريادية بعد التخرج من هذه الجامعات التي كانت وما زالت تتقن رسالتها وقد قامت بواجبها على أكمل وجه ؟
لا بد لتحقيق ذلك هو ايجاد حاضنة اعمال شاملة خارج أسوار الجامعات وهي على غرار حواضن الأعمال بداخلها ولكن ضمن إطار جديد، لتكون نواة جذب للمستثمرين من أصحاب الإهتمام بجدوى الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقد كان من الاقتراحات الواعدة أن تكون مدينة السلط الصناعية الجديدة هي هذه الحاضنة .
بتحقيق هذه الرؤيا لهذا المشروع يتم تبني هؤلاء الخريجين مرة اخرى وإحتواء ابداعاتهم ولكن ضمن الإطار التشاركي بين القطاع العام والخاص، مما سيفوت الفرصة على آفة تكرار خسارة هذه القدرات بهجرتها للخارج، فالبنية بكامل مقوماتها وعلى رأسها انضمام هذه الطاقات من الموارد البشرية ستكون بالمحصلة قد إستوفت لكل اسس النجاح لمن يرغب بالعمل بهذا الاستثمار المجدي، ومما سيوفر ايضا لهؤلاء الشباب فرص العمل للاستمرار بتقديم ما لديهم من قدرات، وكم سيكون هذا الامر مجديا بأن تكون هذه المدينة الصناعية هي البوابة الأولى لهذا اللقاء بين المستثمر والمبتكر المبدع من شبابنا الطموح .
إن لتحقيق الأحلام عناوين متتالية فإن نجحنا بالوصول لأول عنوان لا بد من الاستمرار للوصول لما يليه، ولا بد أن يتبع الحُلم المحقق بالمثابرة والاجتهاد حُلم جديد بعنوان جديد أشمل وأكبر، ولن يتقن السير على طريقه الا اهل الهمة من الشباب المخلص أصحاب الشغف المتقد، ذوي الطاقة التي لا تنضب، اصحاب الارادة التي لا تستسلم، والذي لا يمكن لأي منهم ان يوما ما سيتوقف ولو هُنَيهة ليفكر بأن يتخلى عن حُلمة .
مهنا نافع