من الغضب ما
هو مبرر ومقبول وأحيانا يكون مطلوب، خاصة اذا وقع على الفرد ظلم أو جور، وهذا
القبول له آداب وضوابط وذلك بعدم تجاوز الفرد الحد الذي يوصله للشطط او المجون،
فالغضب إن لم يضبط يصبح له وقع متسارع خبيث يطفئ سراج أذكى العقول، وكلما ارتفعت
حدته اكثر قل الوعي أكثر، لينقل ضحيته من حالة الحق إلى حالة الباطل، وحينئذ لا
ينفع لأي أمر جلل نتج عنه أي تبرير، لذلك كانت الكلمة الطيبة إن خرجت في وقتها من
فم الشاهد الحكيم وزن مهيب توزن بماء الذهب .
(الأخطاء
ممنوعه لأنها قاتله) ترجمة لعبارة تقرأها في أغلب المنشآت الطبية، هي عبارة لحث
العاملين في هذه المهن الانسانية للتنبه والتيقن تماما من جميع الإجراءات المتبعة
بكل دقة وأحكام فلا مجال لأي خطأ الا بالهامش الديق جدا لبعض الحالات النادرة
والتي تقدر دائما من اللجان المختصة، وأما إن ثبت للجان وقوع الخطأ وكان على مستوى
الحالات اليومية المكررة والتي إجراءات التعامل معها من ابجديات العلوم الطبية،
فهنا يقع الخطأ الجسيم الذي يستدعي من جميع الغيارى سواء من القائمين على هذه
الصروح الطبية او المواطنين الغضب على ما آلت إليه تلك النتائج .
العلم بالمطلوب شئ والقدرة على تنفيذه شئ آخر،
ولا اعتقد أن اي طبيب من قدامى القطاع العام الذين نكن لهم كل التقدير والإحترام
لا يعرف ما المطلوب للحفاظ على هذه المنظومة الصحية العامة وحسن سيرها بأحسن حال،
لذلك كل اللغط حسب وجهة نظري اذا ثبت وقوع الخطأ التوجه مباشرة للمطالبة بتقديم
استقالة اي من شاغلي المراكز القيادية في المنظومة الصحية والتي هي من ستقرر اولا
كيفيه محاسبة المخطئ وكيفية العمل على عدم تكرار الخطأ، وهي من ستعرف أماكن الضعف
وستعمل على تقديم كامل الدعم لها لتقويتها
.
أما الاصرار على هذه الاستقالات سواء قبل او
بعد ظهور نتائج اللجان فلن يكون له اي صدى سوى امتصاص لحالة الغضب والاحتقان للرأي
العام ، لتهدأ كل المجريات ولكن الوضع الراهن سيبقى كما هو ينتظر القادم الجديد،
والذي لا بد من إعطائه الفرصة لفهم القصور الواقع وطرق علاجه، وهذا شئ لا يصلح إن
تعلق بالعلاج و الدواء، فالآن عزيزي القارئ وانت تقرأ هذه السطور هناك أناس لديهم
احتياجات علاجية ومنهم من إلى أقسام الطوارئ يهرعون، وعلى العكس من ذلك أجد الان
فرصة لكل المخلصين الغيارى من القائمين على هذا القطاع استغلال الظرف الحالي من
حالة هذا المزاج العام للضغط للحصول على المزيد من المخصصات لكامل هذا القطاع
الصحي، آمل أن يتحقق ذلك .
من الطبيعي ان تسعى كل من الصحافة والإعلام
للاستماع لشكوى المواطن اولا ولكن لم لا نستمع كذلك لشكوى الاطباء العاملين
بالقطاع الصحي ثانيا، علينا أن نفهم ما الذي يجري داخل اروقة هذه المؤسسات، وأنا
متأكد من قدرات محترفي تقارير الصحافة الاستقصائية من الاكتفاء بالمعلومة الصحيحة
بدون الكشف عن مصدرها، لم لا يكون ذلك لنضع يدنا على الجرح لنفهم اسباب أي قصور،
فهل هو بسبب ضعف بخبرات حديثي التخرج ؟ أم هو بسبب عدم وجود أصحاب الخبرة
والاختصاص القدامى بينهم ؟ أم قلة وندرة ببعض الاختصاصات ؟ ولماذا هناك قلة بعدد
من الاختصاصات ؟ وهل هناك علاقه لندرة بعض الاختصاصات بقلة ما يتقاضاه المختص ؟
وهل يوجد زيادة باعداد المراجعين أدت إلى الارباك وعدم القدرة على الإستيعاب ؟
ربما لو تظافرت كل الجهود لمعرفة الأسباب الحقيقية لكل ذلك لعالجت هذه المنظومة
الصحية نفسها بنفسها فلنكن عونا لها، آمل أن نكون دائما كذلك .
ونأتي للكلمة الطيبة التي لا بد من الاسراع
لتقديمها والتي ستخفف من وقع الألم لأي قلب مكلوم، سواء خلصت اللجان لنتيجة ام لم
تخلص بعد، فلا بد من تطييب وتهدئة الخواطر، ولا بد من وعد مقترن بالفعل للبدء
لاستعادة الثقة بهذه الصروح الوطنية، علينا أن نحافظ على هذا الإرث الطبي من
الانجازات الطبية العملاقة ابتداءً من مدينة الحسين الطبية إلى مركز الحسين
للسرطان إلى آخر منشأة طبية تم افتتاحها، إنه لأمر محزن ويستحق غضب كل مواطن مخلص
لبلده محب غيور أن يتراجع مستوى اي من هذه الانجازات ولو قيد انملة وسنظل نكتب
ونتابع الصغيرة والكبيرة آملين الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية للمستوى الذي يليق
بالمواطن .