الملك ورئيس دولة الإمارات يبحثان هاتفيا المستجدات بالمنطقة وزير العمل يكرم كوكبة من عمال الوطن في الهاشمية قانون السير يضع السائقين في مأزق: غرامات غيابية ودفع دون حق الاعتراض.. تقرير تلفزيوني مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي العليمات والحناحنة الظهراوي الملك يلتقي رؤساء اللجان الدائمة في مجلس الأعيان القبض على مُعتدٍ ظهر في فيديوهات وهو يعتدي على مواطن عدسة "الحقيقة الدولية" تلتقط لحظات الفرح.. الأردنيون ينعمون بأمطار الخير بعد طول انقطاع.. مصور اتفاقية توأمة بين مدينتي مادبا والاحساء السعودية الأمم المتحدة: ترحيل السكان من الأراضي المحتلة محظور تماما التعليم العالي تمدد فترة استكمال وثائق المنح الهنغارية الشيخ منصور بن زايد يستقبل رئيس مجلس النواب "الإدارة المحلية" تعلن حالة الطوارئ المتوسطة بسبب الأحوال الجوية تقرير: الأمراض غير السارية تتسبب بأكثر من ثلاثة أرباع الوفيات في الأردن رئيس هيئة الأركان المشتركة يزور مديرية الحرب الإلكترونية سفينة أميريغو فيسبوتشي الإيطالية ترسو في ميناء العقبة السياحي

القسم : بوابة الحقيقة
تخـــــــديـــــــــر
نشر بتاريخ : 7/17/2021 8:51:14 AM
د. إبراهيم صبيح


قبل خمسة وثلاثين عاماً كنت في بريطانيا أتلقى العلم أثناء فترة التخصص في جراحة الدماغ والاعصاب عندما أصابني التهاب في أنفي. دخلت إلى المستشفى ووجدت الأطباء يحيطون بي وأنا ملقىً على السرير انتظاراً لبدء التخدير من أجل إجراء جراحة للجيوب الأنفية. كانت تلك أول مرة أتعرض فيها للتخدير وكنت متوجساً خائفاً مثل قطة أمسك بها صبي شقي ووضعها على ظهر حصان هائج. انقبض قلبي عندما داهمني شعور أنني أسافر في قطار متجه إلى لا مكان جالساً وحيداً على مقعدٍ مكسور. حملني الممرضون إلى الحمالة التي ستنقلني إلى غرفة العمليات فأحسست مثل سجين لامست ساقاه أرضية السجن الباردة وساورني شعور أنني أمشي بقدمين عاريتين فوق الثلج. بدأت مادة التخدير تنساب في عروقي فأحسست بالحرارة التي يحس بها السائق حين يلمس عجلات شاحنته الساخنة في يوم قائظ. بدأت أتحدث ببلاهة وأقول للجميع أنني في كامل وعيي وأنني أستطيع أن أعد حتى المائة. كان الجميع ينظرون إلي ويضحكون وبدأت أحس أنهم يهزؤون بي وهم يهزون برؤوسهم موافقين على كل ما أقول. أخذت نفساً عميقاً ورمشت عيوني بتتابع وعندما فتحت جفوني وجدت نفسي في عالم جديد: غرفة جديدة وأناس جدد في قسم الإفاقة والإنعاش. تململت في سريري ومددت يدي لأتحسس فمي فجالت في خاطري صور عديدة: أم تمسح عن وجه مولودها معاناة الخروج إلى الحياة ثم وهي تمسح جبينه الساخن وهو مريض ثم وهي تغني له أغنية النوم والعافية وهو صغير. تخيلت لمسة الطفل لبطن والدته الحامل ولمسة الطفلة لذقن والدها الخشنة وكيف تمسك صبية بحبل الأرجوحة. تخيلت كيف كان والدي يربت على كتفي مشجعاً وكيف يحس الأعمى وهو يتلمس أثاث المنزل لتدبر الطريق. تمنيت رؤية وجه أمي وتمنيت أن أقبل يدي أبي وأن أعانق اخواني وأخواتي. تجربة الخضوع للتخدير لأول مرة كانت تجربة مثيرة فلم يكن ذلك الذي مررت به حلماً ولا كان غيبوبة بل كان وكأن أحدهم قد قطع بضع ساعات من خيط عمري ثم أعاد ربط طرفي الخيط معاً. إن بعض أنواع التخدير الحديثة تمكن المريض وهو تحت التخدير من الاستجابة لأوامر الطبيب كما يحدث في تنظير المعدة حيث يطلب الطبيب من المريض أن يبلع أنبوب التنظير حتى يصل إلى المعدة ويطلب منه كذلك أن ينام على جنبه الأيمن أو الأيسر وأن يشد على يديه وهكذا بدون أن يتألم أو أن يتذكر ما حدث. أي سر هذا الذي يحيط بعالم التخدير والذي يجد أطباء التخدير أنفسهم صعوبة في فهم مكوناته. الإجابة عن كيف يتم التخدير يتضمن الإجابة عن سؤال أهم وهو كيف نبقى مستيقظين وكيف ننام وكيف ترسل منطقة "الثلاموس" في الدماغ أوامرها إلى القشرة الدماغية وجذع الدماغ بأن َتنشطْ الخلايا الدماغية وُتضاء أنوار المنزل الدماغي أثناء فترة النهار ثم "الثلاموس" وهو يرسل أوامره بإطفاء الأنوار وذهاب الخلايا الدماغية إلى الراحة والنوم. لقد أثبت العلم باستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي أن الخلايا الدماغية عند النوم وأثناء التخدير تطلق أمواجاً عميقة وبطيئة بينما في حالة الاستيقاظ تطلق موجات سريعة صغيرة متتالية.

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه "وجعلنا نومكم سباتاً، وجعلنا الليل لباساً، وجعلنا النهار معاشاً ".

 

E – mail: [email protected]

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023