عاد،
من جديد، السؤال: هل ستجري الانتخابات التشريعية الفلسطينية أم تؤجل... بحجة أن الواقع
السياسي الإسرائيلي لن يسمح بإجرائها في القدس في ظل الصراعات السياسية القائمة في
هذه المرحلة داخل النظام السياسي لكيان الاحتلال.
ومع
ذلك، هناك عديد الأسباب التي تفرض تحديا على الشعب الفلسطيني تجعل المرء منا يعلن
صراحة ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية، باعتبار أن نجاح الانتخابات سيكون بروفة
للانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني وهو ما يحتاجه الشعب الفلسطيني. أما الأسباب
الرئيسية لإجراء الانتخابات الفلسطينية فهي:
أولا:
من يريد إجراء الانتخابات حقا هو الشعب الفلسطيني، بدليل أن تحديث سجلات الناخبين
بلغت أكثر من 96%، وهي لعمري نسبة لم نقرأ بمثيلها في أعتى الديموقراطيات.
ثانيا:
تعدد القوائم التي تجاوزت 36 قائمة يعني أن هنالك رغبة شعبية واسعة لإجراء
الانتخابات والترشح فيها، بناء على أن كثيرين يجدون في أنفسهم القدرة على المساهمة
في عملية التشريع أو الرقابة أو عملية تمثيل الشعب الفلسطيني، وكما يعلم الجميع
فإن تعدد القوائم ظاهرة صحية توازي ظاهرة تحديث سجلات الناخبين.
ثالثا:
الموقف الأمريكي رغم أنه ليس معلنا بصيغة رسمية. فكما فعلت واشنطن في انتخابات
2006، لم تصدر حتى الآن موقفا صريحا من الانتخابات، لكنها بعثت بنصائح للفلسطينيين
يفهم منها تخوف واشنطن من تجدد فوز حركة "حماس"، وذلك باعتبار أنه في
انتخابات 2006 فازت حماس مقابل فتح الموحدة في قائمة واحدة، فما بالنا اليوم في ظل
وجود ثلاث قوائم تمثل "فتح" في الانتخابات؟! واشنطن بذلك، مهتمة أساسا
بحصولها على "توضيحات" مناسبة لها بشأن الشراكة مع حماس".
رابعا:
الموقف الأوروبي، عموما، داعم ومؤيد لإجراء الانتخابات.
خامسا:
خلاصة موقف إسرائيل أنها لا تريد انتخابات فلسطينية أصلا، لأنها بالأساس لا ترغب
بأن يترتب الوضع الفلسطيني. فهي تريد بلدا منقسما قسمين شعبيا وجغرافيا وسياسيا
وبرامجيا بحيث تسيطر هي وتتحكم بالجهتين بدلا من مواجهة إدارة موحدة.
سادسا:
ولادة مؤسسة فلسطينية حديثة منتخبة ستكون موضع احترام العالم الذي سيؤيدها كونها قادرة
على إدارة الأمور. ومثل هذه المؤسسة مسألة غاية في الأهمية لأنها ستكون قادرة على تقصير
عمر الاحتلال الذي يسوق نفسه على أن الوضع غير مهيء لقيام دولة فلسطينية.
سابعا:
ولادة برلمان فلسطيني منتخب سيجعله مهيئا كي يراقب ويشرع، وهو أمر يعطي شهادة
جدارة بأن الشعب الفلسطيني يستحق الآن قبل الغد دولة كاملة السيادة، وهو ما لا
ترغب به مطلقا الدولة الصهيونية.
ثامنا:
أما مسألة حجة القدس واشتراط مشاركتها بالانتخابات وإلا الإلغاء، فكلام مردود حيث هناك
وسائل تكنولوجية عديدة يمكن بها إنجاح مشاركة الأهل في القدس.
تاسعا:
في انتخابات 2006 كانت مشاركة المقدسيين ضعيفة للغاية لأنه لم يحدث فيها تحريك
جماهيري. وعدم "سماح" إسرائيل يجب أن يكون محفزا على النضال والمواجهة
أكثر وبمشاركة جماهيرية واسعة.
عاشرا:
إن تعدد قوائم "فتح" مرشح لزيادة عدد أعضاء "تجنيحاتها" في
البرلمان لأنه محكوم على هذه التجنيحات أن تتوحد بعد هدوء غبار المنافسة، وبالتالي
سيكون عدد الفائزين من حركة فتح في القوائم الثلاث أكبر مما لو كانت قائمة موحدة.
على
الفلسطينيين مواجهة كل المعوقات، فهو تحد عليهم قبوله وإنجاحه، فتأجيل الانتخابات
يعني خسارتها دون أن تجري، ونجاحها ضمان لمجلس تشريعي تعددي يؤشر على فوز من يستحق
نتيجة للتصويت الشعبي. هذا، فضلا عن أن إجراءها سيسقط مقولة أنه لا "ممثل
للشعب الفلسطيني" التي تتبناها الدولة الصهيونية. بل إن التمثيل الفلسطيني
سيظهر على حقيقته كما هو من خلال الانتخابات الحرة النزيهة وهذا من خلال مؤسسة
تعددية ناضجة وديموقراطية تجابه الاحتلال وتخاطب العالم.