بقلم: تامر البواليز
قد تكون شهادتنا مجروحة في حالة إبداء وجهة نظرنا بهذه القضية التي أضحت تؤرق مجتمع المعلمين خلال الفترة الأخيرة وأنا احد الذين لامستهم لعنة قرار التوقيف عن العمل بسبب الفيس بوك قبل عام ونصف تقريبا، ولعل هذه الظاهرة أصبحت أمرا بروتوكوليا في سياسة وزارة التربية والتعليم التي ضاق صدرها ولم يعد لها القدرة على تحمل ويلات النقد وقصفات الناقدين التي تصيب أصحاب القرار في صميم عملهم .
عشت تلك التجربة وما لم يخب ظني فقد كانت الأولى منذ زمن طويل ولم يسجل في تاريخ وزارة التربية والتعليم من قبل ان تعمل بدور المراقب الأمني على بروفايلات المعلمين وتسجيل كل منشوراتهم المدونة على صفحاتهم الشخصية بطريقة أقرب ما تكون الى المخابراتية على الرغم من كون معظم ما يتم تدوينه حق مشروع كفله الدستور ونصه يقول في المادة 15/ 1. تكفل الدولة حرية الرأي, ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون ، ولم يرد في الدستور أي استثناء يسلخ المعلم عن هذه المادة ويمنعه من التعبير عن رأيه في سياسات وزارته التي يتبع لها إداريا .
وقرار التوقيف عن العمل يستند الى نصوص وردت في نظام الخدمة المدنية الذي ما زالت تعرف الكثير من مواده بالعرفية والعبثية الممنهجة وحسب نص المادة ( نظام الخدمة المدنية ) 149 حددت الأسباب الموجبة للتوقيف التي يملك قرارها الوزير فقط وبدأت أول تلك الأسباب بإحالة الموظف الى المجلس التأديبي أو المدعي العام أو المحكمة لارتكاب مخالفات مسلكية ! ولا أدري ما المقصود هنا بالمسلكية ؟ وهل الفيس بوك معترف به كمسلك يحاسب المعلم عليه اذا أخل فيه بشيء ؟ ومن هي الجهة داخل وزارة التربية والتعليم التي تصدر حكمها على المعلم حصرا ان كان ما كتبه يعد مخالفة مسلكية أو غير مسلكية وتنسيب بتوقيف المعلم بعد إطلاع الوزير!
وتتحدث الفقرة الثانية أيضا من المادة 149 عن جواز التوقيف في حالة التقاضي أمام المحكمة ، اما الفقرة الثالثة فلا يملك تفسيرها الا حمورابي ملك التدوين للقوانين على مر العصور الغابرة وتقول بمضي قرار التوقيف عن العمل في حالة طلب دائرته التي يعمل فيها بإيقافه عن العمل وبموجب أحكام أي تشريع أخر ! وهذه تحديدا عبارة التشريع الأخر دلالة على نص مائع وقد تحال أوراق المعلم الى فضيلة المفتي بسب هذه المادة ، والفقرة الرابعة من نفس المادة تشير الى حالة عامة قد لا نختلف عليها كثيرا، أما الخامسة فهي لا فرق بينها وبين المواد التي شرعت لبعض الاطباء وهم قلة استصدار تقارير طبية كيدية هدفها الأساس إهانة المعلم ونصها يقول : اذا قدمت ( أي ) شكوى ضده يحق ويصح توقيف المعلم عن عمله ! وبالتالي فمن حق الوزير والمعنيين في حالة تقديم أي شكوى وبغض النظر عن مضمونها وصاحبها.
وبهذه القراءة السريعة للمواد التي تتيح توقيف المعلمين عن عملهم يتضح تماما بان قرارات وقف المعلم عن عمله وبحسب القراءات الأخيرة للحالات التي سجلت في الفترة الأخيرة يتضح بأنها غير مستندة على أسس صحيحة وسليمة وتسير على مبدا الأصل الإباحة وتحديدا محاسبة من كتب على الفيس بوك منشورا لم يلقى قبولا عند صاحب القرار .
وهنا أوجه خطابي لوزير التربية و التعليم الذي جعل من نفسه في موقف حرج حين تصدر المشهد ( التوقيفي ) للعاملين في الدائرة التي يدير اركانها ولم يسمع الشارع الأردني بوزير أوقف موظفا عن عمله بسب الفيس بوك وتفردت وزارة التربية والتعليم بهذا القرار الجائر والعرفي بطريقة غيبت مفهوم حرية الرأي عن سياستها وانطلقت دونا عن غيرها من الوزارات نحو تكبيل وتحجيم كل صاحب راي بحجة احتواء منشوراته على شطحات تمس المسؤولين في الصميم وتناست وزارة التربية أن ما يتعلق بالنقد الشخصي لا يحاسب عليه المعلم حصرا بتوقيفه عن عمله وقطع رزقه بعيدا عن وجود بديل وهو القضاء الذي يحكم على من كتب ، والأصل هنا ان يقدم المسؤول دعوى امام المحاكم بصفة شخصية لا بصفته كمسؤول أن كان النقد شخصيا ولا يرتبط بوظيفته .