بقلم: أ.د. مهند القضاة
لا يُنكر الجهد الكبير الذي بذلته
الحكومة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والقطاع الطبي في مواجهة جائحة كورونا
في الاْردن منذ بدايتها الا جاحد ، لكن المستغرب ان هذا الجهد لم ينعكس أيجابياً
على مؤشرات الأرقام الصحية في الأسابيع الماضية : فبقيت عدد الحالات المسجلة
يومياً في ارتفاع ونسبة إيجابية الحالات
من مجموع عدد الفحوصات اليومية عالية وعدد حالات الوفيات في تزايد ، مما يُشير ان
السياسات العامة والأهداف الموضوعة للتعامل مع فيروس كورونا لا تُطبق بشكلٍ صحيح
او أنها مستوردة ولا تتناسب مع طبيعة الشعب الاردني وفطرة تفكيره.
حتى ان الجهات الرسمية أسقطت من
حساباتها اللجوء الى الحظر الشامل لأسابيع كخيار مؤقت للسيطرة على سرعة الأنتشار
المجتمعي وعللت ذلك ان الإغلاق والحظر سيخفض الحالات مرحلياً لكنه سيشهد ارتفاع في
الإعداد بعد انتهاء فترة الإغلاقات نتيجة
الاكتضاض في الأسواق وفوضى الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي ، وهذا ما لمسناه
بعد إغلاقات عطلة الاسبوع في الشهر الحالي.
بين الترهيب بخطورة الفيروس على الصحة
والوعيد بغرامات مالية لغير الملتزمين و بقوانين دفاع والترغيب بعدم معاقبة
المواطن بالحظر والإغلاق عند الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، فقد المواطن
الثقة بخطاب طبي منطقي رسمي يُناسب المستوى الثقافي للمواطن الاردني ويُشعره انه
طرف رئيس في حل المشكلة والتعامل مع أبجدياتها.
فيروس كورونا ليس ( ضبع ) وليس ( بعبع)
كما حاول الخطاب الرسمي في مرحلة معينة من وصفه للمواطن الاردني بل هو كائن غير حي
لا يعيش ولا يتكاثر خارج جسم الأحياء ويصعب انتقاله في الأماكن المفتوحة او على
الأسطح ولا ينتقل من خلال الأسمنت المسلح فبدل من عزل عمارة كامله من عشر شقق
سكنية لمده اسبوعين عند تسجيل حالة فيها كان الجهد سيكون انجح وأوفر لو نشرنا ثقافة
التباعد الاجتماعي بين سكان تلك العمارة.
نشهد اليوم مرحلة صحية رسمية جديدة
اكثر منطقية في التعاطي مع إجراءات التعامل مع فيروس كورونا تتبنى ديمومة حركة
الاقتصاد والحياة اليومية للمواطن مع التركيز على الخطر الصحي الحقيقي للفيروس :
فالحجر المنزلي اصبح حجر الزاوية في التعامل مع معظم الحالات والجهد الأكبر اليوم
مهتم بحصر عدد أسرة العناية الحثيثة والطواقم المشرفة عليها وزيادتها في كل
محافظات المملكة وهذا الجهد اذا اقترن بحملات توعية تقوم بها النخب العلمية
والطبية والإعلامية والدينية لحث الناس على التباعد الاجتماعي والالتزام بقواعد
السلامة الوبائية العامة ومراقبة ذلك من الأجهزة الرسمية في الأسواق والمؤسسات
وأماكن التجمعات فأننا حتماً سنشهد تحسناً ملحوظاً في المؤشرات الوطنية الصحية
لفيروس كورونا.