بقلم: الدكتور حسين عمر توقه*
أسئلة لا بد منها: لماذا تم إتخاذ
قرار حل مجلس النواب في ظل هذه الظروف الصعبة؟؟
علما بأن الدستور يجيز لجلالة
الملك تمديد مدة البرلمان الحالي من سنة إلى سنتين . والكل يعرف ما تتعرض له البلاد مدنا وقرى من مآسي جائحة
الكورونا وتزايد غير مسبوق في عدد المصابين بالكورونا .
ثم من يضمن لنا أن المرشحين من النواب لن يقيموا مهرجانات
خطابية وتجمعات وإحتفالات معروفة للقاصي والداني وهل يتوقع المسؤولون أن يقوم
النائب بإستخدام "الأون لاين" منصة إنتخابية لعرض برنامجه الإنتخابي وما
هي المدة الزمنية والإجراءات الوقائية الصحية التي سيتم فرضها على ملايين الناخبين
الأردنيين أثناء عملية الإدلاء بأصواتهم.
لماذا تم إتخاذ قرار حل مجلس النواب والكل يعلم
أنه يتحتم على الحكومة تقديم إستقالتها خلال فترة زمنية لا تتجاوز السبعة أيام .
لا سيما وأن الحكومة المستقيلة قد تولت مسؤولية مجابهة جائحة الكورونا منذ بداياتها
. ولا بد هنا من التذكير بالدور المميز لوزير الصحة الأسبق سعد جابر ولوزير
الإعلام السابق أمجد العضايلة فقد أضافا نقلة نوعية في أداء الوزراء . رغم
القرارات الصعبة التي تم إتخاذها لا سيما فرض الحظر يومي الجمعة والسبت وهما أيام
العطلة الرسمية لكل الموظفين وطلاب المدارس والجامعات والإختيار بين الحفاظ على
الصحة العامة وبين تحطيم إقتصاد المؤسسات القائمة في إقتصادها أصلا على هذين
اليومين بالإضافة إلى الإضرار بصلاة
الجمعة لا سيما وأن المساجد قد طبقت أعلى درجات التباعد الإجتماعي ونفذ المصلون
كافة التعليمات الصادرة إليهم . كان من الأولى بالحكومة أن تعمل على تخفيض ضريبة
المبيعات وتعمد إلى تخفيض الضرائب المفروضة على المحال التجارية والمطاعم المختلفة
المتضررة .
إن الإندفاع المجنون على المحال التجارية أيام
الخميس والإختناقات المرورية وإنعدام أبسط قواعد التباعد الإجتماعي تجعلنا نفكر هل
حقا قرار فرض الحظر يومي الجمعة والسبت
قرار سليم .
إن السيرة الذاتية لدولة الدكتور عمر الرزاز تشير
أنه ابن البنك الدولي أي أنه مدعوم من جهة عالمية دولية تماما كما تم دعم بعض
الوزراء وبعض نواب رؤساء الوزارات من قبل وهو ابن البنوك المحلية والمؤسسات
المالية الأردنية ولكنه رغم خبرته الطويلة
في ميادين المال والإقتصاد إلا أنه أخفق
في مسؤوليته وفي مجال تخصصه حيث زادت مديونية الأردن في عهده بقيمة 4 مليارات
دينار وارتفع معدل البطالة من 19% إلى 23% ولكن يسجل لحكومته من أجل الحقيقة أنها قامت
بإلغاء ودمج بعض الهيئات والمؤسسات المستقلة تحت مسمى الإصلاح الإداري لعل أبرزها
دمج سلطة المياه بوزارة المياه وضم مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني إلى وزارة
النقل ونقل مهام صندوق تنمية المحافظات إلى بنك تنمية المدن والقرى ونقل دائرة
الأرصاد الجوية إلى وزارة النقل وضم دائرة
تنمية أموال الأوقاف لتصبح مديرية في وزارة الأوقاف وإلغاء مركز إيداع الأوراق
المالية ونقل مهامه إلى هيئة الأوراق ودمج جميع الهيئات المنظمة لقطاع النقل في هيئة واحدة ( هيئة تنظيم النقل
البري والهيئة البحرية الأردنية وهيئة تنظيم الطيران المدني). وأخيرا دمج دائرتي
الشراء الموحد واللوازم العامة بدائرة واحدة سميت دائرة المشتريات الحكومية .
علما بأن هناك هيئات تصب في مصلحة الحكومة والشعب
على حد سواء وأذكر منها البنك المركزي
ومؤسسة المواصفات والمقاييس وهيئة
مكافحة الفساد والهيئة المستقلة للإنتخابات النيابية والمؤسسة العامة للضمان الإجتماعي هذه المؤسسة
التي شهدت منذ اللحظات الأولى لتأسيسها تغولا لا يرحم من قبل الحكومات المتعاقبة
وإجبارها على الإستثمار في مشاريع فاشلة لتنفيع بعض المحسوبين وبكل أسف فلقد
بلغ حجم الإقتراض الحكومي من أموال الضمان
الإجتماعي ستة مليارات ونصف المليار دينار
أردني من خلال طرق ووسائل ملتوية مثل إلزام
صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي بشراء سندات خزينة بفائدة أقل من قيمتها في
السوق . إن أموال الضمان الإجتماعي هي أموال تعود للشعب لا يجوز التلاعب بها او
المساس بها وهي لم تكن في يوم من الأيام
أموالاً حكومية .
اليس من الأجدى شطب الهيئات المستقلة بدل وقف
علاوات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والكوادر الطبية والمعلمين ؟
ماهي الأموال التي تستنزفها هذه الهيئات وما هي
الرواتب الفلكية للأشخاص المنتفعين بل من هم هؤلاء الأشخاص وما هي أسماؤهم ؟ فعلى سبيل المال حسب ما ورد في
"رم" في مقال عبد الله
العظم إن رئيس هيئة الطاقة الذرية قد بلغ راتبه الشهري 4500 دينار . والكل يعلم
مسيرة هذا الشخص طوال العقدين الماضيين منذ عام 2001 بدءا من مسلسل
شركة أريفا الفرنسية وتأسيس الشركة النبطية للطاقة ومرورا بشركة تراكتيل البلجيكية وشركة وورلي بارسونز العالمية وإنتهاء بالشركة الروسية ( روس أتوم) ووعوده
ببناء مفاعلين نووين قبل أعوام وهي مجرد وعود لم تر وجه النور .
لماذا هذا الكم الهائل من الوزراء:
لقد فاجأت الحكومة الجديدة كل الأردنيين بهذا
العدد الكبير من الوزراء في ظل الظروف
الإقتصادية الصعبة علما بأن عدد الوزارات التنفيذية للولايات المتحدة لا يزيد على
15 وزير كما أن مجلس الوزراء الألماني لا يزيد على 16 وزير ومجلس الوزراء الفرنسي لا يزيد على 17 وزير
وعدد الوزراء في الحكومة السويسرية لا يزيد على 8 وزراء بينما لا يزيد عدد الوزراء
في روسيا الإتحادية على 22 وزير والأغرب من كل هذا أن عدد وزراء جمهورية الصين
الشعبية التي يزيد تعداد سكانها على المليار ونصف المليار نسمة لا يزيد عدد
وزرائها على 18 وزير . فهل نحن أفضل من هذه الدول إقتصادا وهل لدينا هذا الكم
الوافر الفائض من المال حتى تصل الحكومة
إلى 32 وزير بما فيهم دولة الرئيس منهم ثلاثة نواب رئيس وسبع وزراء دولة و13 وزير لأول مرة.
والتساؤل الذي يطرح نفسه هو إذا كانت حكومة
الرزاز حكومة مال وإقتصاد فهل تكون حكومة بشر الخصاونة حكومة مرحلة سياسية جديدة لأنه من الملفت لنظر كل باحث أن هذه الوزارة تخلو من شخص يرجع في أصوله إلى
مدينة القدس وهي الآن لب الصراع العربي الإسرائيلي لا سيما وأن تمسك جلالة الملك
بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في ظل الغيوم التي أحاطت بهذا الموضوع ليس
من قبل إسرائيل والولايات المتحدة فحسب بل من قبل بعض الدول العربية . ولقد قرأت قبل
أيام من خلال تسريب وثائق (الويكي ليكس) بأن هناك موقفا واضحا من قبل دولة الرئيس
الجديد صرح به قبل سنوات بشأن موضوع حق العودة
بالنسبة للفلسطينيين
إن كل الأنظار تتجه نحو الحكومة الجديدة تريد أن
تعرف خطة الحكومة في التصدي لجائحة الكورونا التي أصبحت أعداد المصابين بها ترتفع
يوما بعد يوم بشكل مقلق. ثم ما هي القرارات والإجراءات الإقتصادية التي سيتخذها
الفريق الإقتصادي في مساعدة التجار وأصحاب المحال التجارية وأصحاب المطاعم وعمال
المياومة في تخفيض الآثار الناجمة عن جائحة الكورونا . ولا شك بأن كل الإهتمام سوف
ينصب بشكل مباشر على قدرة الحكومة في إجراء انتخابات نيابية نزيهة في ظل الظروف
الصحية والإقتصادية الصعبة .
ولا بد أن نشيد هنا بالإجراءات التي تم إتخاذها
من قبل الأجهزة الأمنية خلال الأيام الأخيرة في التصدي لظاهرة العصابات الممنهجة
وتفشيها بهذا الشكل في طبقات المجتمع ومقاومة ظاهرة تفشي المخدرات بين طبقات
المجتمع وبالذات بين طلاب المدارس الخاصة . والسؤال الذي يطرح نفسه أين كانت هذه
الأجهزة الأمنية طوال السنوات الماضية وكيف سمحت في تعاظم ظاهرة البلطجة والترويع
مدعومة بنفر قلائل لا يملكون إلا ولا ذمة لا سيما اولئك الذي يدعون تمثيل الشعب
تحت قبة البرلمان .
كيف نتعامل مع جائحة الكورونا ؟
1: كنت قد اقترحت في دراسة سابقة أن يتم تشكيل
مجلس أعلى لمجابهة وإدارة جائحة الكورونا التي اجتاحت بلدان العالم بأسره والتي
باتت تهدد أرواح الملايين من بني البشر
ومن ضمنهم الأردن . بحيث يكون هذا المجلس بقيادة جلالة الملك وينوب عنه في
الحالات الطارئة سمو ولي العهد ويتشكل من
دولة رئيس مجلس الأعيان ورئيس مجلس النواب
ومعالي رئيس الديوان الملكي ودولة رئيس الوزراء وكل من وزير الخارجية ووزير التعليم العالي
والبحث العلمي ووزير التربية
والتعليم ووزير العدل ووزير الزراعة ووزير الإعلام ووزير الصحة ووزير التنمية الإجتماعية ووزير العمل ووزير السياحة ووزير النقل وهذا لا
يمنع من دعوة بقية الوزارات المختلفة وتكليفها بأي أمر طارىء يتعلق بمسؤولياتها بالإضافة إلى محافظ البنك المركزي ورئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير الأمن العام ومدير المخابرات العامة . وتكون مسؤولية هذا المجلس وضع إستراتيجية وطنية
شاملة تتمثل بداية في تحديد المشكلة وتحليلها وطرح الحلول وإتخاذ القرارات الأمثل
لمجابهة الأزمة والتغلب عليها بأقل الخسائر
وأفضل النتائج وضمن خطة زمنية
محددة واستخدام شتى الوسائل والإمكانات
المتاحة والكوادر الحكومية وغير الحكومية
والمؤسسات الوطنية لتنفيذ الأوامر والتوجيهات الصادرة إليها.
2: يأتي تحت مظلة المجلس الأعلى مباشرة
خلايا عمل لإدارة الأزمة تتكون من الأمناء العامين للوزارات سالفة
الذكر ومدراء الدوائر الرسمية في كل من
الوزارات . حيث تقوم كل خلية يوميا في كل وزارة بجمع المعلومات وتحليلها والتأكد من تنفيذ التعليمات والإجراءات الصادرة
عن المجلس الأعلى إلى مختلف الوزارات حسب تخصصها ومسؤولياتها في إطار الإستراتيجية
الشاملة والتنسيق الكامل بين هذه الوزارات والقوات المسلحة والأجهزة
الأمنية بالإضافة إلى مناقشة وتحليل الوضع العام الراهن في أرجاء المملكة يوميا من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الواحدة ظهرا تقوم فيه كل خلية برفع تقاريرها وتوصياتها اليومية إلى الوزير المسؤول . أي أن
كل خلية مرتبطة إرتباطا مباشرا بالوزير المباشر المسؤول عنها .
3: يتم
عقد إجتماع للمجلس الأعلى لإدارة الجائحة
يوميا أو كل يومين حسب الحاجة من الساعة الرابعة من بعد الظهر لغاية الساعة
السادسة يتم فيه الاستماع إلى
التقارير اليومية وآخر المستجدات على أرض
الواقع وأفضل الإجراءات التي تم إعدادها من قبل خلايا إدارة الأزمة حسب تخصصات الوزارات المختلفة التي تمثلها .
وبعد الإستماع إلى هذه التقارير ومناقشتها يتم تقييم الوضع اليومي ويتخذ المجلس الأعلى
القرارات الأمثل والتوجيهات اللازمة للإستمرار في
تنفيذ الخطة الشاملة لمعالجة الأزمة
لليوم التالي مع تحيد مسؤولية كل وزارة
في تنفيذ الجوانب المناطة بها من الأوامر والقرارات بالإضافة إلى تنفيذ التعليمات والأوامر الصادرة
إلى كل من القوات المسلحة والأمن العام والمخابرات العامة .
إن الأسباب التي تستوجب أن يكون جلالة الملك هو
من يتولى قيادة المجلس الأعلى لمجابهة وإدارة أزمة الكورونا أن هناك قرارات هامة
ذات مسؤولية تتعلق بحياة آلاف المواطنين لا يستطيع أحد إتخاذها بإستثناء
جلالة الملك
كما أن هناك إتصالات على مستوى رؤساء دول العالم من أجل
التنسيق على المستوى الدولي وعلى المستوى
الإقليمي في مكافحة جائحة الكورونا تتطلب مشاركة رئيس الدولة شخصيا وبشكل مباشر.
كما أن التعديلات الأخيرة في الدستور الأردني تنص بأن القوات المسلحة والأجهزة
الأمنية ترتبط إرتباطا مباشرا بجلالة القائد الأعلى .
* باحث
في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي