يزخر الأردن بحمد الله بالعديد من الثروات الطبيعية التي نحن أحوج ما نكون اليوم لاستغلالها وجزء كبير منها موجود بكميات اقتصادية ونوعيات جيدة جداً وذلك استناداً للأعمال والدراسات الجيولوجية .
وما علينا إلا السعي جاهدين لزيادة المساهمة في إنعاش الاقتصاد من خلال اعتمادنا على مواردنا الذاتية من الثروات الطبيعية والتي تعد من القطاعات الهامة التي يعول عليها انعاش الوضع الاقتصادي كما قال جلالة الملك عندما أشار إلى سياسة الاعتماد على الذات, ويعني ذلك بالعودة إلى الأرض الاردنية واستثمار خيراتها لغايات الصناعات التحويلية.
ومن خلال تشكيل ما يسمى (سلة الطاقة) بما يعني مزيج من مصادر متعددة تساهم في أمن التزود بالطاقة وتعزيز وزيادة المصادر المحلية سعياً للإستقلال بمصادر الطاقة المحلية والاستغناء بالقدر الممكن على مراحل زمنية من الاستيراد ، حيث نستورد اليوم (96%) من مصادر طاقتنا مما يشكل عبء كبير على موازنة الدولة ناهيك عن فقدان فرص دوران عجلة الانتاج وتحقيق التنمية المنشودة .
فتعظيم القيمة المضافة للثروات الطبيعية يكمن في تحويلها إلى صناعات تحويلية، ومن الأمثلة على ذلك الرمل الزجاجي الموجود بكميات واحتياطيات كبيرة في جنوب الاردن ,حيث تعتبر رمال السليكا من أنقى أنواع الرمال حيث تصل نسبة السليكا (SiO2 ) فيها إلى 97% ويزيد قليلاً ، ويستخدم في صناعات متعددة أهمها صناعة الزجاج ، والعديد من الاستخدامات التي يمكن أن ينتج عنها عشرات الصناعات وبالتالي إنشاء العديد من المصانع, علما بأن الأردن الدولة الوحيدة في المنطقة التي لايوجد فيها مصنع للزجاج ، بالاضافة إلى خامات النحاس والتي تدخل في الكثير من الصناعات والمجالات المتنوعة وأشارت الدراسات السابقة إلى وجود كميات وتراكيز مؤملة لإقامة صناعات استخراجية ، و الذهب حيث يعتبر مخزونه عند استخراجه من دعائم الاقتصاد للدولة وهناك مواقع عديدة تحوي عروق الذهب في جنوب الأردن ، والحجر الجيري النقي الذي يعتبر من أهم الخامات اللافلزية التي تستخدم في أغراض الصناعة والزراعة و كعامل مساعد لتسريع اذابة ومزج الحديد والالمنيوم والنحاس كما يستخدم في الصناعات الكيماوية وفي صناعة الكربونات وصناعة الاسمنت الأسود والأبيض والتي من المتوقع أن يزداد الطلب عليها في حال تحسن قطاع المقاولات والإسكانات وعودتها إلى الوضع الطبيعي ، بالإضافة إلى الكاولين والجبصين والبوزلانا وناهيك عن حجر البناء والحجر البازلتي والزيولايت بالاضافة إلى معادن الارض النادرة التي ستشكل نقلة نوعية في قطاع التعدين نظراً لأهميتها وندرة جودتها واستخداماتها الهامة في الصناعة ، وغيرها من الثروات المعدنية المتعددة في الاردن والتي نستطيع استغلالها لغايات انتاج صناعات تحويلية لتعظيم القيمة المضافة لهذه الثروات.
وإننا إن استطعنا وضع خطة استيراتيجية قابلة للتطبيق والقياس وفق برنامج زمني و تشجيع الصناديق المحلية بمختلف أنواعها للتوجه للاستثمار بمجال الصناعات التعدينية والاستفادة من الثروات المعدنية المتوفرة لدينا وجذب المستثمرين لهذا القطاع الذي بدوره سيغنينا عن الاستيراد الخارجي وتخفيض كلف الطاقة على قطاع الاستثمار في الثروات الطبيعية وتعظيم القيمة المضافة لهذه الثروات واستحداث فرص تنموية تساهم في التشغيل للقوى البشرية الوطنية والحد من البطالة ، ناهيك عن توفير العملة الصعبة من خلال وقف استيراد المواد المصنعة لهذه الخامات وتطوير البنية الأساسية للمناطق التي تتواجد فيها هذه الثروات والخامات و إعادة حيوية هذا القطاع ورفع مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي حيث انخفض في العشر سنوات الأخيرة من (11%) إلى حوالي (7%) ، فإننا بذلك سنساهم في إنعاش الاقتصاد الأردني ودعم عجلة الانتاج وتحقيق الرؤيا الاستيراتيجية لجلالة الملك المعظم بسياسة الاعتماد على الذات واستغلال الموارد الطبيعية في الاردن ضمن منهجية عمل متكاملة تشريعياً وتنفيذياً وتسهيل الاجراءات للاستثمارات المحلية مع ما يرافقه من تسهيلات للمستثمرين للاستثمار في الثروات الطبيعية في هذا المجال .
* نقيب الجيولوجيين الأردنيين - رئيس اتحاد الجيولوجيين العرب