يعتبر بيع وشراء النفط من اصعب التعاملات
التجارية لعدة اسباب اولها طريقة تداوله عالمياً بالاضافة الى التداخلات الدولية
في عمليات المناولة والنقل والتوريد لهذه المادة الحيوية. فطريقة التداول معقدة
جداً وان كانت تبدو كتعاملات البورصات العالمية العادية الا ان فيها تداخلات
كثيرة، فيتدخل في هذه التجارة بالاضافة الى المنتجين العديد من الوسطاء وارباب
المال والنفوذ والبنوك كما وتلعب السياسة الدور الاعظم فيها.
تتم كثير من التعاملات التجارية النفطية
بما يسمى العقود حيث يتم شراء المادة من المنتج او صاحب الامتياز بموجب عقود على الورق
من قبل شركات وسيطة قد لا يتعدى حجمها بعضها مكتب بحده الاعلى سويت في فندق خمسة
نجوم ولكن لديها نفوذ هائل سواء نقدي او سيطرة على السوق بطرقهم المختلفة ومن ثم تقوم
هذه الشركات ببيع هذه العقود مرة واثنتان واكثر بشروط وامكانيات المشترين وفي كل
مرة يحصلون على ربح او خسارة حسب واقع حال السوق وكل عقد من هذه العقود يخضع لشروط
دفع وتسليم وغرامات وكفالات وغيرها وجميعها تشكل كلفة المادة على المستهلك النهائي.
وتجارة النفط كغيرها من التعاملات التجارية
تخضع لميزان العرض والطلب وفي مثل الظروف الحالية والتي تعصف بالعالم جائحة كورونا
فقد توقفت عجلة الانتاج اغلبية المصانع العالمية مما قلل الطلب على الطاقة بجميع
عناصرها وزاد المعروض حيث اصبح الطلب شبه متوقف حالياً، هنا تكمن معظلة العقود
التي ابرمت قبل حين فقد انتجتها الحقول النفطية التي برمجت على معدل انتاج
بناءا" على طلب متوقع ولا يستطيع المنتجين ابطاء وتيرة هذا الانتاج
فنيا" وماليا" حيث ان خليط تكاليف الانتاج تعتبر شبة ثابتة بغض النظر عن
كمية الانتاج وبالعودة الى العقود التي حان موعد تسليمها ولا يوجد من يستهلكها
وعند تطبيق بنود العقد الموقع ما بين البائع والمشتري واحتساب ثمن المادة مضافة
اليها غرامات تاخير الدفعات وكلفة النقل وغرامات الارضيات و غرامات التخزين و
غرامات تفريغ الحاويات الناقلة لهذه المادة بالاضافة الى زيادة التامينات وتجديد
الكفالات وفروق العملة وعمولات البنوك والوسطاء يصبح على الوسيط التخلص من العقد
باي ثمن لوقف خسائره فيقوم بحساب كافة التكاليف الاضافية المترتبة على احتفاضه
بالعقد وعدم تصريفة للمادة ويسير على مبدأ خسران خسران فيقوم بعرض المادة بالاسعار
التي توقف نزيف خسارته.
اما امكانية الاستفادة محليا" من
انهيار الاسعار في الفترة الحالية فقد تكون معدومة لعدة اسباب منها:
ان الانهيار خاص بعقود محددة مكانيا"
وزمانيا".
حجم هذه العقود محدود جدا".
جـ. صعوبة الدخول بمثل هذه التداولات لعدم
وضوح شروطها.
د. ردة فعل الدول المنتجة للنفط على هذه
التداولات.
هــ. ارتباط الدولة بعقود سابقا" لعدم
امكانية التنبؤ بدورة اسعار النفط عالميا"
و. امكانيات التخزين الاضافي المحدودة
والتي من المنطقي ان تكون اماكن التخزين المتوفرة مشغولة كاحتياط استراتيجي لمثل
الظروف الحالية.
وغيرها الكثير وقد ذكرت الاسباب اعلاه على
سبيل المثال لا الحصر ومن اجمل وادق ما قرأت بهذا الموضوع ما ذهب الي كبير مستشاري
الطاقة الدكتور المهندس اياد سرطاوي على صفحته على الفيسبوك في تحليله لمسببات وتأثير
الانهيار الكبير الذي تعرضت اليه اسعار النفط وفرص الاستفادة من هذه الحالة
الموقتة.
وفي الختام نسأل الله الكريم رب العرش العظيم
ان يرفع الغمة عن الامة وان يحفظ بلدنا وشعبنا وقيادتنا بحفظه وان يكلأهم بعين
عطفه وواسع توفيقه انه اهل لذلك ومولاه والقادر وحده عليه.