بدء تنفيذ سحب مياه سد كفرنجة وتحليتها بـ 14 مليون دينار 100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة صدور مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية بين ميسي ورونالدو.. رودري يختار الأفضل في التاريخ الأمن العام ينفذ تمريناً تعبوياً شاملاً لتعزيز الجاهزية والتنسيق في مواجهة الطوارئ على خطى بيكهام.. أول لاعب كرة لا يزال في الملعب يقتحم عالم الاستثمار في الدوري الأمريكي "غولاني".. أشرس ألوية الاحتلال تسقط في "كماشة" مقاومي غزة ولبنان كلية الـ تمريض في جامعة جرش تنظم يوم عمل تطوعي في محافظة جرش وزير العمل: إعلان الحد الأدنى للأجور خلال 10 أيام مادبا .. ازمة سير خانقة بسبب اعتصام لأصحاب المركبات العمومية الاردن يدين بأشد العبارات جريمة قصف "إسرائيل" حياً سكنياً في بيت لاهيا 51647 طالباً وافداً في مؤسسات التعليم العالي الأردنية ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية نصف دينار وفاتان و 3 اصابات بحادث سير بين 4 مركبات أسفل جسر أبو علندا - فيديو

القسم : بوابة الحقيقة
كورونا وصافرة النهاية
نشر بتاريخ : 4/20/2020 11:18:31 AM
د. عبدالرحمن النصيرات

يتساءل البعض مع انخفاض حالات الإصابة بفيروس كورونا في وطننا الغالي فيما إذا كُنّا قد وصلنا إلى بر الأمان في المعركة التي تدور رحاها بين دول العالم قاطبة، وهذا الوباء الآخذ بالتفشي دونما هوادة، وتتعالى نبرة هذا التساؤل بشكل لافت عند البعض (وهم قلة) مُلحين على الإسراع في رفع كافة أشكال الحظر والقيود التي فُرضت لمنع تفشي هذا الوباء.

 

لعل الأولى في هذه المرحلة هو التأكيد على ضرورة الالتزام الكامل الذي يُسهم تلقائيًا بعودة الحياة إلى مسارها الطبيعي في غضون أيام او أسابيع بالأكثر، إذ لا يخفى على عاقل مُنصف لهذا الوطن الشامخ حجم الأعباء الاقتصادية التي تكبدها اقتصاد وطننا العزيز نتيجة تراجع حجم إيرادات الخزينة، وزيادة حجم الإنفاق، ووقف الكثير من الأنشطة التجارية والاقتصادية باستثناء الأنشطة التي تكفل حياة كريمة للأردنيين في ظل هذا الظرف الاستثنائي.

 

إذ لا مكسب للحكومة من دفع رواتب الموظفين العاملين ومنحهم إجازة طويلة لم يُحسم حتى اللحظة نهايتها، وكذلك تعطيل القطاع الخاص ودعمه بكل ما أوتيت الدولة من إمكانيات، دون أن يقوم الموظفون بأي عمل سوى أن يلزموا بيوتهم حرصا على صحتهم، وذلك مع استثناء القائمين على إدامة المنشآت الحيوية في القطاعين، ولا مغنم للحكومة من وقف عجلة الاقتصاد جزئيًا،  بل على العكس من ذلك تماما.

 

إن المصلحة الأساسية التي وضعتها الحكومة نُصب عينيها بهذه الإجراءات الحصيفة لم تكن إلا صحة المواطن مدرجة إياها في مقدمة سلم أولوياتها، وإنكار ذلك عليها ما هو إلا جُحود ونُكران بل وانعدام للضمير ، وجعلت الحكومة من الشأن الاقتصادي في مرتبة تالية تسعى أيضا لتسييره بحرفية عالية بما لا يتعارض مع المصلحة الاولى، انطلاقا من قاعدة المصلحة الأولى بالرعاية.

 

فكرّست الحكومة بذلك مقولة الراحل العظيم المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال حينما قال ( الإنسان أغلى ما نملك )، والتي رسخها سيد البلاد المفدى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم،  وأكد عليها في توجيهاته السامية للحكومات المتعاقبة منذ ان تولى جلالته مقاليد الحكم في البلاد.

 

وحيث نهجت الحكومة ذلك النهج القويم، والذي شهد له العالم المتقدم قبل غيره، ودأبت على إنجاحه موصلة الليل بالنهار مستنيرة بتوجيهات القائد المفدى، وصمد الشعب معها انطلاقًا من واجبه في تّحمّل المسؤولية المُلقاة على عاتقه كشريك أساسي في تجاوز هذه الأزمة وكان على قدر تلك المسؤولية، فكان لزامًا علينا كمواطنين بارين بوطننا مخلصين لقيادته الهاشمية المظفرة أن نُكمل المشوار بمزيد من الالتزام الذي يُسهم بعودة الحياة كما كانت، مستذكرين كلمات القائد المفدى الذي طمأننا بان الحياة ستعود إلى طبيعتها قريبا بإذن الله، (شِدّة وبتزول).

 

زد على ذلك أيضا؛ ما جاء في كلمة الملك المعظم من ترسيخ لمعاني الإيثار، والتكاتف فيما بين الأردنيين، والمواطنة الحقيقية، والتي ترجمتها الحكومة مؤخرا من خلال حزمة البرامج الاجتماعية التي أرست فيه المعنى الحقيقي للتكافل، والتضامن الاجتماعي، لتوفير أكبر دعم مالي متاح للمتضررين من توقف أعمالهم لا سيما عُمال المُياومة وغيرهم.

 

إن الجهود التي بُذلت ولا زالت تُبذل من أبناء هذا الوطن المِعطاء ممن يقفون في الخطوط الأمامية  في مواجهة هذا الوباء هي جهود استثنائية يجب ان لا تذهب سدىً.

 

فالأطباء، والممرضون، ولجان التقصي وكافة العاملين في القطاع الصحي، وغيرهم ممن يضعون أنفسهم في مواجهة هذا الوباء بشكل مباشر، أو غير مباشر، ويبذلون الغالي، والنفيس من وقت، وجهد، لا بل ويُعرِّضون أنفسهم لخطر الإصابة بهذا المرض لا قدر الله بغية كبح جماح هذه الجائحة، لا يُمكن بحال الاستهانة بجهودهم وهدرها، والانسياق وراء الدعوات الخافتة غير المدروسة بالإسراع في رفع كافة أشكال الحظر والقيود (التي لم توضع ابتداء إلا لأجلنا كمواطنين) ظانين خطأ بأن الأمر قد انتهى، فيذهب ما قدمنا أدراج الرياح (لا قدر الله).

 

ولا تغفل أذهاننا عن جيشنا وأجهزتنا الأمنية ورجالها البواسل، الذين تركو بيوتهم وأبناءهم، وعرضوا أنفسهم لشتى أنواع المخاطر كي ننعم بالأمن والأمان.

 

فالأجدر بنا الآن هو التأكيد على التقيّد والالتزام بتعليمات الحظر، والحجر، والتباعد الاجتماعي التي تُشكّل حجر الزاوية في تخطي هذه الأزمة في أقرب فرصة، سيما وأن الالتزام مطلوب من الجميع دونما استثناء لأن الخطأ الفردي في هذه المرحلة غير مُغتفر  لأن أثره لا ينعكس على المخطئ فحسب بل تمس آثاره المُجتمع بأسره، فهو فاسد ومُفسد في آن واحد، ويستحق العقوبة المُغلّظة التي نص عليها قانون الدفاع لفداحة جرمه.

 

إن هذا الوباء قد أنهك الأنظمة الصحية في كبرى دول العالم، ووقفت أمامه كبرى المنظمات العالمية والدولية حائرة مكتوفة الأيدي، نتيجة شراسته وسرعة انتشاره، فضلا عن عدم التخطيط الجيد والتأخر في مواجهته، وجرّآء استهتار بعض مواطني الدول بتعليمات حكوماتهم لمواجهة هذا الوباء إلى أن أدركوا متأخرين مدى خطورته والتزموا بعد أن بدأوا بفقدان محبيهم، ومقربيهم، وأصبحت ضحاياهم بالآلاف.

 

فَحريٌ بنا أن ننظر نظرة المُتأمل إلى تلك التجارب المريرة التي خاضتها أنظمة صحية طالما كانت وجهة للعلاج، ومضربا للمثل في التقدم والحداثة، إلا أنها سرعان ما انهارت، بل وفقدت بوصلتها، ولم تستطع الصمود أمام هذا الوباء الفتّاك غير المسبوق في العصر الحديث.

 

لنكن السعداء الذين يتعظون  بغيرهم، لا الأشقياء الذين لا يتعظون حتى بأنفسهم، ولنحمد من جَلّ في عُلاه أن ابتلاءنا بهذا الوباء زائل في أمد ليس ببعيد بإذن الله لا محالة، فلا هو  حرب شردتنا خارج بلادنا نفترش الأرض ونلتحف السماء، ولا هو زلزال دّمّر البلاد وشرد العباد.

 

إن أرواحنا وأرواح أهلينا وأبناءنا ومستقبل هذا الوطن أمانة في أعناقنا، فمزيد من الصبر  والالتزام لا أكثر  هو المطلوب مِنّا في هذه المرحلة لتجاوز  هذه الازمة بإذن الله .

 

فعلينا بالتأني، والالتزام بضوابط الحجر، والتباعد الاجتماعي، وغيرها من الضوابط خصوصًا مع تخفيف إجراءات الحظر، ونترك للمُتخصصين من صُنّاع القرار أمر الحظر وغيرها من القيود التي شرعت الحكومة برفعها بشكل تدريجي ضمن محاذير صحية وجغرافية مدروسة، بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بوضع خطة مُحكمة تضمن عودة الطلبة الأردنيين ومن تقطعت بهم السُبل في الخارج بشكلٍ آمن، ليتمكن الوطن والمواطن من قطف ثمار هذا الجهد المُضني على مَرّ الأسابيع الماضية، ولنتربع على عرش الأمم التي سيكون النصر حليفها بعد هذا المخاض العسير في حسم هذه المعركة لصالحها، إذ لا تولد الانتصارات إلا من رحم المعاناة، فكُلما زاد الالتزام وضبط النفس كلما تسارعت إمكانية  عودة حياتنا إلى سابق عهدها.

 

فإذا  كانت المستديرة ذات التسعين دقيقة (كُرة القدم على بساطتها) لا يُؤمنُ جانِبها حتى يُطلق الحكم صافرة النهاية، فلنؤدي واجبنا ونترك لأصحاب الشأن إطلاق الصافرة إيذانا بانتهاء هذا الوباء بإذن الله.

 

ونسأل الله العلي القدير ان يحفظ الأردن قيادة وحكوم وشعبا في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى.

 

((فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين)) ... صدق الله العظيم

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023