من ضمن محاولات القادة الإسرائيليين الحاليين المتعددة للحد من دخول الأقلية الفلسطينية العربية إلى البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، كانت محاولة رفع نسبة الحسم إلى 3.25 من نسبة المصوتين لدخول الكنيست، ظنا منهم أن الأحزاب العربية الفلسطينية لن تتحالف، كعادة الأحزاب العربية في كل مكان وزمان. وحينما حرض (بنيامين نتنياهو) على النواب الفلسطينيين باعتبارهم "داعمي الإرهاب" قفز التصويت الفلسطيني من 59% إلى 64% فحصدت الأقلية الفلسطينية العربية (15) نائبا.
في تقريرها السنوي حول وضع حقوق الإنسان في العالم، اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية حزب "الليكود" وزعيمه (بنيامين نتنياهو) "بدفع رسائل كراهية ضد المواطنين العرب في إسرائيل خلال جولتي انتخابات الكنيست، في العام الماضي، وبمحاولات قمع نسبة تصويت الناخبين العرب في الانتخابات". وقد شمل التقرير فصلا موسعا حول وضع الأقلية الفلسطينية العربية، وحملة (نتنياهو) الانتخابية ضدهم في جولتي الانتخابات للكنيست، في نيسان/ إبريل وأيلول/ سبتمبر الماضيين، ولم يتطرق إلى الجولة الثالثة التي صعد فيها (نتنياهو) تفوهاته العنصرية ضد العرب. كذلك، جاء في التقرير أنه "في انتخابات نيسان وأيلول، روّج الليكود رسائل دفعت إلى كراهية ضد المواطنين العرب". وذكر التقرير الرسالة التي أرسلت من صفحة (نتنياهو) في "فيسبوك" إلى مئات آلاف الإسرائيليين، قبل الانتخابات، وجاء فيها أن العرب "يريدون القضاء علينا جميعا".
لكن الملاحظ أن هناك تغيرا في موقف الكثير من السياسيين تجاه فلسطينيي 48 بحيث بات التغيير واضحا وملموسا كونه يدعو علانية لاحترام الصوت الموحد للجمهور العربي. بل إن هناك من أثنى على نجاح القائمة العربية المشتركة باستقطاب آلاف المصوتين اليهود، وهو ما يبعث الأمل في صفوف الكثيرين من عرب ويهود. ولن يكون موقف رئيس الدولة (رؤوبن ريفلين) أبرزها، وهو الذي رفض التصريحات العنصرية وانتقدها بشدة وعلى الملأ. وكان (ريفلين) قد أكد على "عدم وجود أنصاف مواطنين في إسرائيل". وفي السياق، قال رئيس الموساد السابق (تمير بيدرو) في مقابلة لافتة مع صحيفة "معاريف" الاسرائيلية: "لقد وصلنا إلى حالة يعتبر فيها كل من لا يوافق على أمر ما سياسيا خائنًا. هذا أمر رهيب وخطير. فمن غير اللائق اعتماد دعاية اليمين ضد رئيس أركان سابق ومنعه من الجلوس مع العرب لمجرد تصويرهم كأعداء للدولة. فأنا أترقب مجيء اليوم الذي ستكون فيه الأقلية العربية جزءًا من الحكم، ولا أريد أن يقول أحد لليهود الأمريكيين، أنتم لا تستطيعون أن تكونوا جزءًا من الإدارة والحكم" (في الولايات المتحدة الأمريكية). أما رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق (إيهود أولمرت) فيقول: "العرب يريدون تحقيق مواطنتهم وأن يكونوا جزءا من الإجراء السياسي الديمقراطي، روح المجتمع الإسرائيلي. في دولة يوجد فيها آلاف عديدة من الأطباء، الصيادلة، الممرضات والممرضين في المستشفيات، المهندسين، المستشارين، التجار، الصناعيين، المخترعين ومبادري التكنولوجيا العرب – ألم يحن الوقت لان يكون ممثلوهم في الكنيست شركاء في تصميم الحكم أيضا؟". وأضاف (أولمرت): "حان الوقت للبحث عن سبيل للحوار مع الجمهور العربي في إسرائيل. أعتقد أنه حان الوقت لوقف المقاطعة للقائمة المشتركة". من جانبه، تطرق الكاتب (جدعون ليفي) إلى أمر أكثر خطورة حين تناول مسألة قلة عدد اليهود المصوتين للقائمة المشتركة رغم تلاقيهم في أمور عديدة على رأسها رفض العنصرية التي يرسخ لها قادة إسرائيل الحاليون، معتبرا "إن مصوتي اليسار لم يتحرروا من قيود الصهيونية"، وختم يقول: "في إسرائيل، الصهيونية هي دين وهو إلزامي. اليهودي الذي يصوت للمشتركة ما يزال يعتبر شخصا خائنا، أو على الأقل شخص تشوش لديه شيء ما. إسرائيل 2020 ما تزال غير مستعدة لذلك. ويسار حقيقي سينهض هنا فقط عندما ننفطم من الإدمان على الصهيونية ونتحرر من قيودها".
مع تحول "إسرائيل" إلى دولة يهودية عنصرية بالكامل وترسيخ نظام "الأبارتايد" أدركت الأقلية الفلسطينية العربية أن ليس باستطاعتها الوقوف جانباً، وأن على الغالبية العظمى من القوى السياسية العربية وضع خلافاتها جانباً والتخلي عن مواقف بعض تياراتها الدينية والمدنية التاريخية ضد المشاركة في الانتخابات. وبكلمات الكاتب الصديق (جواد بولس): "نتائج ثلاث جولات انتخابية متتالية كشفت حقيقة واحدة أكيدة بوجهيها؛ أنّ يهود الدولة ما زالوا يتصارعون داخل "قطار الزمن" كأعداء لا يوحدهم مصير؛ ونحن، العرب الناجين من لعنة الغفلة القديمة، بقينا وجه تلك الحقيقة الآخر، كما كنا "ملح الزمن" ودخلنا عنوة بطن القطار، نغني ونزرع ونقاتل على حقنا بالريح وبالخبز وبالبقاء؛ ولكن، رغم صدى التجارب، ما فتئت قلة منا تحاول القفز في الهواء وانتظار "جيوش إنقاذ" جديدة على أرصفة الرمل والغبار".