في اول يوم من سريان مفعول تطبيق قانون الدفاع وإعلان حالة الطوارئ في مملكتنا الحبيبة وإعلان الحكومة لحزمة من الاجراءات لتطويق وتفادي هذا الوباء بتحديد حركة المواطنين واغلاق المحافظات على نفسها لحصر انتشار هذا المرض الذي اصبح يفتك بكل دول العالم ويجتاز الحدود دون اخذ الإذن المسبق بالدخول او موافقات للعبور .
كنت مضطرا إلى الخروج في هذا الصباح لإيصال ابنتي الى مكان عملها في احد القطاعات الطبية العسكرية مستخدما اكثر الشوارع حيوية والذي عادة ما يكون مكتظا في مثل هذا الأوقات كساعات الذروة الصباحية لاستيعاب حركة السير عندما يتجه الموظفون من منازلهم الى اماكن عملهم في مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية ومصانع الإنتاج والشركات لإدارة عجلة التنمية وادامة عمل أجهزة الدولة خدمة للوطن وأبناءه.
في هذا الشارع المكتظ عادة ، فقد بدا كغيره من طرقات وشوارع مملكتنا الحبيبة سواءّا الداخلية منها او تلك التي تربط المحافظات ، كان خاليا إلا من حركة خجولة وبطيئة امتثالا للتعليمات الصحية الصادرة عن الجهات الرسمية .
فلا تكاد ترى في طرقاتنا الا آليات الامن العام والقوات المسلحة وهي تجوب الشوارع بكل الوقار والهيبة يعلوها اصحاب الجباه السمر غير آبهين بفايروس لا يميز بين مدني اعزل وجندي مدجج بالسلاح قد يصطاد احدهم او مجموعة منهم لا قدر الله ولكنهم آثروا ان يكونوا حيث ارادهم الوطن في عملهم الانساني وعيون زملائهم على الحدود لضبط الحركة وانفاذ القانون .
ولا ترى في طرقاتنا ايضا الا سيارات التموين والغاز المنزلي واليات البلديات والمياه والكهرباء وسيارت الاسعاف وبعض سيارات موظفي الدولة والطواقم الطبية للإلتحاق بمركز عملهم متسلحين بالإيمان بالله والواجب الوطني تجاه الوطن وأبناءه.
كم انا فخور اليوم باردنيتي في وطن يضرب للعالم اروع الأمثلة في تظافر كافة الجهود لحصر انتشار هذا الوباء ، وطن حكومته راشدة وشعبه واعي ومثقف ووسائل اعلاميه تؤدي دورا إستثنائيا .
وطن تعاملت حكومته مع الأزمة بكل مهنية واحترافية تدرجت في التعاطي مع الحدث وقدمت خدمات صحية عز نظيرها وقدمت خدمات ايوائية للمحجور عليهم تعجز عن تقديمها دول متقدمة واخرى غنية على الرغم من شح الإمكانات المتاحة وقلة الموارد ، خدمات ايوائية من فئة خمس نجوم واربع نجوم تم تقديمها بالتعاون مع القطاع الخاص بشهادات من بعض الإخوة العرب والأصدقاء الأجانب من المقيمين على ارض المملكة بثت شهاداتهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي .
أستطيع اجزم هذه المرة ان الحكومة اجتازت هذا الإختبار الوطني بامتياز وحصدت ثقة غالبية مواطنيها والمراقبين ايضا فقد احسنت في تفعيلها لدور المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات وذلك بادارتها أزمة البلاد من خلال هذا المركز الذي يكاد ان يكون في مقدمة مراكز إدارة الأزمات في الشرق الأوسط من حيث الطواقم المؤهلة والتقنيات الحديثة المتوفرة فيه ، حكومتنا اليوم هي غير حكومتنا التي تعاملت مع أحداث الفنادق في العام 2005 وبهذا استحقت وسام الثقة من غالبية الشعب والمراقبين.
اما الإعلام الأردني الجديد فقد كان حاضرا بكل جرأة للتعاطي مع الأزمة في التغطيات الإعلامية والتحليلات ونشر الوعي التثقيفي والإرشادات ، فبعض الوسائل الإعلامية تغطي الحدث بصورة مباشرة ومن الميدان فلم يعد المشاهد الأردني بحاجة لمتابعة وسائل اجنبية لمعرفة ما يحدث في عمان او غيرها من محافظات الوطن كما كان يحدث في أزمات سابقة ، ووسائل إعلامية أخرى تولت مسؤولية الإرشاد ونشر الوعي الصحي وثالثة تؤدي دورها التعليمي لأبنائنا من طلبة المدارس بسبب انقطاعهم عن المدارس .
والمواطن الواعي المثقف كان الشريك الأساسي في المنظومة لتنفيذ متطلبات المرحلة بالتزامه وانتماءه الوطني بالتطوع لتقديم الخدمة الى جانب الأجهزة الرسمية او تقديم التبرعات المالية او العينية او من خلال انصياعه للتعليمات الصادرة عن الجهات الصحية لإنقاذ الوطن وابناءه.
ثلاثية رائعة تمثلت بحكومة راشدة تعي واجباتها وادت دورا إستثنائيا في التعاطي مع الأزمة ووسائل اعلامية كانت بمستوى الحدث ومواطن مثقف وواعي يؤدي واجبه الوطني بكل انتماء.
حفظ الله الوطن وابناءه وقائده وقواته