كم يختلط علينا الفرق بين الخوف والحذر
مع إنهما كالزيت والماء بالصدمة الأولى تراهمها يتداخلان ويدور كل منهم حول الآخر
وما من لحظات حتى ينفصلان، إنهما يلتقيان ليعرفان انهم متناقضان فيفترقان، الخوف
والحذر وإن تجاورا لا بد من فصامهما
فالخوف هو من يحبط الإرادة ويوقف الفكر ويمحي الأمل ويشل البدن ليقتل قبل وصول
القاتل، شعوب هزمت قبل سماع صوت المدافع وقبل حتى قرار أعدائها تحديد ساعه صفر لبداية
إي من المعارك، وحتى لو كانوا بسلم وعز وهناء فبيوت خربت ونساء تطلقت وأطفال شردت
لاستحواذه على بعض العقول من أرباب الأسر، خوف على الأرزاق خوف من الأمراض خوف من
موت حبيب خوف من قدوم زلزال وربما خوف من قدوم ضره جميله تدمر ما بقي من مسرة
الحال وهناء العيش بالطبع حسب فهم وجنس المبتلى، هو هوس يسرق منك كل الحذر، فالحذر
هو الذي يحث على العمل والتدبير والتخطيط والإعداد هو النهج السليم وهو نهج واحد
لأي أمر مهما كانت درجة أهميته وكل حسب متطلباته سواء كان من المتاعب الصغيرة أو
الكوارث الكبيرة .
ولنتريث قليلا ونعود لك أخي القارئ، لك أو لمن أردت أن تكون له ناصح،
لنتعرف على أنفسنا أولا ونقترب منها أكثر وأكثر ولنسمع ولنقرأ ولنعمل لنعي ولنفهم
نقاط ضعفنا ثم بالطبع سنعرف العلاج مهما كان، فقد يكون سهلا بإستنشاق نسمه مرت على
عود ريحان أو صعبا ليحتاج لقطعة حديد جهزت للكي كانت هي ولون الجمر سيان، لا شئ
وإن كان بيسير او بجلل سوف نستطيع تجاوزه لنتركه أثرا خلفنا أو مواجهته للتغلب
عليه إن ابتلينا به إن إستسلمنا للخوف، فبالخوف سنقع ضحية المعاناة وعدم الارتياح
بكل جوانب تفاعلاتنا وانشطتنا اليومية، بالمنزل او بالعمل بالنهار أو حتى بالليل،
سواء كان استحواذه علينا مستمر أو متقطع فبالمحصلة ستتجاوز خسائرنا كينونة الأمر
نفسه وحتى لو حصل كما كانت مخاوفنا تدور بوصفه، بالنتيجة سنكون بتلك اللحظة ضعاف
منهكين و الحيرة أو التردد هي متلازمتنا وسنكون غير قادرين على معالجة أي أمر،
أذكر أن هناك قله ممن اختلط عليهم الأمر بين الخوف والحذر وابتلوا بالغرق بمعيشة الخوف لدرجة أنهم لم يقتنعوا وأن كانوا
حتى من المحظوظين بذهاب الأمر بقدرة وحكمة من الله قد لا نعلمها، وحتى إن بدى
أمامهم بوضوح نقاء الكريستال أو شمس النهار التي خلت سماؤه من الغيوم أن الامر كان
مجرد وهم وذهب كفقاعة لعبة الاطفال نافثة الصابون فهم لا يصدقون أو لا يريدون أن
يصدقوا أن معاناتهم قد ذهبت سدى، وأخيرا أذكر لكم المقولة الشهيرة لروزفلت رغم
تحفظي على الكثير من قراراته إبان الحرب العالمية الثانية ولكن نأخذ المفيد ونترك
ما لا يفيد والتي كانت هذه المقولة تحذر
من خطورة الخوف بطريقة قد تبدو محيرة للوهلة الأولى ولكن قصد منها التحذير من
عواقبه وخطورته على الاقتصاد من جراء الخوف لدى المجتمعات بشكل عام والأفراد بشكل
خاص وكأنه يقول مهما ساء الاقتصاد سوف نستطيع تجاوز كل أزماته وإعادته لمساره
الصحيح أما ما يقلقنا هو الخوف لدى الأفراد الذي يدفعهم لتصرفات تزيد الأمر صعوبة
علينا، المقوله هي :
"الشئ الوحيد الذي علينا أن نخافه
هو الخوف نفسه"
"the only thing we
have to fear is fear itself"