يصادف يوم الثالث من ديسمبر من كل عام مناسبة هامة للاحتفاء بيوم
الإعاقة الدولي، الذي أشهرته منظمة الأمم المتحدة عام (1992)، ويرتجى أن يصنع
-دائما- وقفة رزينة، واقعية، وتأملية، للحال التي وصلت أو ينبغي أن تصل اليه فئة الأشخاص
ذوي الإعاقة، ومنذ ذلك التاريخ يُرفع شعارٌ يشكل إطارا أو توجيها للفعاليات ذات
الصلة التي تتم في كل دولة، في الوقت ذاته يتم إبراز جانب مهم من حياتهم، يتم
التركيز عليه.
في هذا العام أعلن الأمين العام للأمم المتحدة استراتيجية إدماج منظور
الإعاقة، في إطار الالتزام بشمول المنظمة للجميع.
تؤكد هذه الاستراتيجية "أن الإعمال التام والكامل لحقوق الإنسان
لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة هو جزء أساسي غير قابل للتصرف أو التجزئة في جميع حقوق
الإنسان والحريات الأساسية".
عام (1992) وقّعت (177) دولة
على مستوى العالم ميثاق الأمم المتحدة لذوي "الاحتياجات الخاصة" -آنذاك-
تعبيرا عن التزامها بتقديم أفضل ما يمكن لهذه الفئة على المستوى الوطني أو الدولي،
والعمل على تمكينها في جميع مجالات الحياة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية، لكن بعيدا عن الشعارات منزوعة الدسم، وتحت طائلة التشهير عند عدم
الالتزام.
لم يُقصد من إشهار هذا اليوم من كل عام إقامة الاحتفالات، وإبراز
الشعارات، وتغطية المساحات في وسائل الإعلام، أو تجميل الذات بقناع الزيف من العطف
والشفقة، بقدر ما اُريد له أن يستنهض الهمم، ويشكل مناسبة هامة للمراجعة والتأمل في
كل بلد على المستوى الوطني، للتوقف عند ما تحقق، وما يؤمل تحقيقه لأكبر أقلية على
مستوى العالم، وقد ناشدت الأمم المتحدة جميع الدول العمل بجِد على دمج ذوي الإعاقة
في المجتمع، وتذليل كافة العقبات أمامهم، تحقيقا لفرص المساواة والعدالة، وانطلاقا
من تأصيل الكرامة الإنسانية، والحرص على عدم ترك أحدٍ خلف الركب.
تُعرّف الإعاقة "بإنها حالة أو وظيفة يحكم عليها بإنها أقل قدرة،
قياسا بالمقاييس المستخدمة لقياس مثيلاتها بنفس المجموعة"، وتنقسم بشكل رئيس إلى
إعاقة حركية وإعاقة ذهنية، مع ما يقع تحتهما من عناوين فرعية.
وصل عدد سكان العالم اليوم إلى (7) مليارات من البشر بل يزيد، وتعتبر
فئة الأشخاص ذوي الإعاقة أكبر أقلية على مستوى العالم يتبين ذلك من خلال اعلان
الأمم المتحدة أن هناك ملياراً من هذه السبعة يعاني شكلا من أشكال الإعاقة أي بنسبة
(1الى 7) ويزيد حجم المشكلة وتبعاتها عندما نعلم أن 80% منهم يعيشون في الدول
النامية حيث العوز والفقر يضرب جذوره.
بحلول هذه المناسبة في كل عام،
يهبُّ ذوي الشأن من المهتمين والمساندين من أفراد ومنظمات لعقد مقارنة بين واقعهم وما هو منشود لهم، ويركز على المقارنة بين
حالهم في الدول المتقدمة وتلك النامية، ويهمنا هنا أن نتعرف حالهم في الدول العربية،
فعلى الرغم من الجهود المبذولة رسميا ومدنيا لتحسين واقع هذه الفئة في كثير منها إلّا
أن الشكوى من التهميش ما زالت غالبة، حيث ما زال الكثير مما يمكن عمله على مستوى
التشريع، ومن ثم التوسع في مجالات التدريب والتعليم والتأهيل، وصولا إلى بيئة عمل آمنة،
ومن ثم التخطيط لمدينة عربية صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة، تشتمل على البنية التحتية
المهيأة، والمواصلات المجهزة، وتصميم مؤسسات ومبانٍ تأخذ -حالا- في الاعتبار أن
الاختلاف بيننا هو الأساس لزيادة عمقنا في فهم الحياة.
إن وعينا العميق بمعاناة هذه
الأقلية الكبيرة على مستوى العالم فيما يخص عوائقها وطموحاتها، يرتب على أصحاب
القرار الرسمي ومنظمات المجتمع المدني توفير الفرص الحقيقية، والعدالة في المنافسة،
وتحسين البيئات المختلفة في العمل والحياة، حيث يُعتبر ذلك مفتاح العمل لتوحيد مجتمعاتنا
التي نعيش فيها بما تشتمل عليه من تباين يُعلي من شأن الحياة.