انطلاقا من قول رسولنا الكريم صلى الله عليه
وسلم :" لا يشكر الله من لا يشكر الناس " ، أجد واجباً علي أن أتقدم من
دولة رئيس الوزراء الأفخم بالشكر أجزله ، والتقدير أوفره ، لما تم إقراره من إجراءات
إدارية ، تُعد خطوة رائدة في طريق الإصلاح الإداري ، وأعني دمج بعض المؤسسات
والهيئات معاً ، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بوزارة الأوقاف ومديرياتها العامة التي
يعكس الواقع صواب إلحاقها بالوزارة ، بل إلغاء العديد منها .
فمنذ قرن مضى ، والدولة الأردنية تسعى جاهدة
للإرتقاء بمنظومتها الإدارية ، جنبا إلى جنب مع سائر المنظومات الأخرى التي تُعد
ركائز أساسية لبناء الوطن والنهوض به ، والحرص على استقراره ، والمحافظة على أمنه
، وأبنائه ، وكلّ ذرة تراب فيه .
دولة الرئيس : أذكّر بقول عمربن الخطاب رضي
الله عنه :" لا خير فيكم إن لم تقولوها ، ولا خير فينا إن لم نسمعها "
وبناء على ذلك أرجو أن يتسع صدر دولتكم لما سأقوله ، لأنه يصب في إطار المصلحة
العامة التي نحن أمناء عليها أينما كنا وكانت مواقعنا ، فالمسؤولية أمانة ، وتتطلب
منا إخلاصاً منقطع النظير ، وقد تكون المسؤولية أدبية ، عندها لا بد أن نكون
إيجابيين ، وأن نمارس قول الحق بالحكمة والموعظة الحسنة . وأنتم دولتكم بدأتم
بحزمة إصلاحات خيّرة وصائبة ، وهنا أود أن أذكّر دولتكم بما تسعى له بعض الوزارات
من تعيين أمين عام ثان في الوزارة نفسها ، أرى أنه يُعد قراراً غير صائب ، ويتنافى
مع الإدارة الناجحة والبعيدة عن الضعف في الأداء والنتائج ، ذلك أن الهرم الإداري
في أي وزارة هو جسم واحد يرأسه الأمين العام في كل وزارة لا يجوز أن يكون له رأسان
، فالوزير منصب سياسي وليس إداري ، فلو جاز ذلك لجاز أن يكون للوزارة وزيران ،
وللجامعة رئيسان ، وللجيش قائدان ، وللمديرية مديران ، وللقسم رئيسان ، وللجسد
رأسان ، وهكذا ... ، ولكن هناك نواب ومساعدون لكل مسؤول هو رأس هرم ، يفوّض إليهم
من صلاحياته ، حذرا من شَرَك مركزية القرار ، فيتعاون الجميع من أجل مصلحة الوطن
والمؤسسة والمواطن.
وبذات السياق فإن وجود أمين عام ثان في الوزارة
يؤدي بالضرورة إلى إحداث شرخ غير مقصود
، بما يسببه من تداخل في الصلاحيات والمهام ،
وثنائية الولاء والإنتماء للعمل ، وتنافس غير محمود أحيانا من رأسي الجسد .
دولة الرئيس : تعلم أن التنظيم الإداري في
الدولة يتجه إلى التقليص من المؤسسات والهيئات والإدارات العامة ، نظراً لكثرتها
من جهة ، ومن جهة أخرى لعدم الحاجة الحقيقية لبعضها ، وترشيداً للنفقات الزائدة
التي تثقل كاهل الموازنة المتخمة بالديون ، وها أنتم دولتكم حققتم جزءا جيدا على
أمل إتمام هذه المنظومة من الدمج والإلغاء لوضع القطار على سكته ، فعلى سبيل
المثال : أن يوجد سبع درجات عليا تتبع لوزارة الأوقاف ، بخلاف سائر الوزارات
الأردنية بل العربية ، في حين يمكن جدا الإستغناء عن معظمها دون أن يتأثر العمل
بأي خلل ، فلماذا يا دولة الرئيس هذا التوسع غير الضروري ، وغير المدروس من الجهات
ذات الصلة بالتنظيم الإداري ، إلا أن يكون مجاملة لزيد أو عمرو في مرحلة مضت ، لكن
التصويب هو رائد الجميع ، والإصلاح سبيل التوفيق والخروج من أية أزمة ، يقول تعالى
:" إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت " . وهنا لا بد من كلمة حق أقولها في
جانب معالي وزير الأوقاف المكرم ، فهو كما أعرفه يسعى دائما إلى الإصلاح وعمل كل
ما يمكن من أجل التطوير والارتقاء بالمؤسسة نحو الأفضل والأحسن ، وبتعاون الجميع
نصل إلى تحقيق ما نصبو إليه بإخلاص وصدق وأمانة .
دولة الرئيس : إنني أقترح على دولتكم التكرم
بالإيعاز لتشكيل لجنة ممن تراه مناسبا من ذوي الإختصاص والمعرفة الإدارية للنظر في
هذا الأمر ، لأن شهية بعض الوزارات تفتحت لإحداث موقع أمين عام ثان ، فلا بد من
البت في هذا الموضوع بما يتوافق والنظام ، وأنتم دولتكم الحريص على سلامة كل
الإجراءات المنظمة لسير العمل دون خلل او نقص .
وختاماً أسأل الله تعالى لدولتكم التوفيق
والسداد والنجاح في مسيرتكم المثقلة بالأعباء والمسؤوليات الجسام ، في ظل صاحب
الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أ.د. محمد الرعود / أمين عام وزارة الأوقاف
الأسبق / أستاذ في جامعة البلقاء التطبيقية . ت 0775055057