بقلم: عادل الرفايعة
تفتخر الأمم بشهدائها الذين ضحوا
بدمائهم الطاهرة الزكية تراب الوطن، مدافعين عنه في سبيل إبقاء رايته عالية
خفاقة..
فالشهداء وســـيرتهم العطرة هي الشاهد
الحي على التاريخ النضالي المشرف لأي دولة.
والحديث هنا عن الشهيد الرقيب إبراهيم
حرب مقبل الرفايعة، وهو ليس الوحيد الذي يجب أن يبقى ذكراه خالدة في نفوس الجميع،
بل كل الشهداء الذين ارتقوا إلى عليين يستحقون أن تبقى أضرحتهم، وما شـــيد لهم من
أنصبة تذكارية شاهدا على شجاعتهم وتضحياتهم الجسام عندما قاموا ببذل أرواحهم رخيصة
في سبيل الوطن.
والأجيال كافة بحاجة إلى أن تظل سيرة
الشهداء متقدة أمامهم يستنير بها الناشئة ويستمدون منها معاني البذل والعطاء
والفداء والشهامة والرجولة.
غير أن ما يدعو لتسليط الضوء اليوم على
الشهيد الرفايعة، أن مؤسساتنا لا يبدو أنها تقيم وزنا لتلك المعاني التي يمثلها
الإبقاء على الأضرحة والأنصبة التذكارية وتطويرها لتكون شاهدا على تاريخ مفصلي
وهام من تاريخ المملكة الأردنية الحديث.
فالنصب التذكاري للشهيد الرقيب إبراهيم
حرب الرفايعة الذي تم تشييده عل مقربة من دوار صويلح، المكان الذي روى فيه بدمه
الطاهر تراب تلك البقعة من أرض الوطن عندما كان برفقة الراحل الكبير الحسين بن
طلال في أحداث العام 1970، يواجه اليوم "مؤامرة الإزالة" من قبل أمانة
عمان الكبرى بحجة مشروع الباص السريع، وهو ما يدعو إلى الاستغراب عندما تنغلق
العقول الهندسية لإيجاد حل منطقي وعملي يبقي النصب التذكاري في مكانه، بل والعمل
على تطويره ليظل يروي سيرة العزة والبطولة.
اليوم، وبما نمر به من أزمات سياسية
متشعبة ومتراكمة نحن أحوج ما نكون فيه إلى رواية بطولات الشهداء صباح مساء، بل
ونحتاج إلى أن نروي قصصهم في المناهج الدراسية أو على الأقل نؤلف عنهم الكتب لنتيح
لطلاب المدارس والجامعات الاطلاع عليها في المكتبات العامة والخاصة، وغير ذلك نكون
قد ساهمنا في مسح تاريخ هو الأصدق في تاريخ المملكة الأردنية.
الرقيب الشهيد إبراهيم حرب مقبل
الرفايعة ، ضحى بروحه دفاعا عن الملك الراحل الحسين ابن طلال، ودفاعا عن استقرار
المملكة الأردنية ووحدتها، ولو ظل على قيد الحياة حتى اليوم لضحى بحياته أيضا من
أجل ألا تصيب القيادة الهاشمية شوكة عابرة.
لذا فان إزالة النصب التذكاري من مكانه
أو إهماله، يعد جريمة لا تغتفر لأمانة عمان، وهو ما يستوجب الوقوف في وجهها بكل
صلابة لتتراجع عن قرار إزالة النصب التذكاري.
فمشروع مثل مشروع الباص السريع لن يكون
غاليا على الأردنيين أكثر من بقاء نصب لشهيد منهم لبس "الفوتيك" ذات يوم
وكان قسمه الدفاع عن الأردن ترابا وشعبا وقيادة.
والحلول الهندسية متاحة بقليل من
التفكير، حيث أنه بإمكان أمانة عمان أن تحل هذه المشكلة بكل سهولة، وإن لم تقم
بذلك وصممت على إزالة النصب، فإن محاكمة شعبية قبل القانونية يجب أن تخضع لها،
فالشهداء مثل الأنبياء أنبل بني البشـــر.
*رئيس بلدية الشوبك