بقلم: د.
ابراهيم سليمان العجلوني
التقى جلالة
الملك مع الدارسين في كلية القيادة والأركان وكلية الدفاع الوطني يوم الاثنين
الموافق 14 تشرين الاول (أكتوبر) 2019، وتحدث جلالته الى أن العمل جار على وضع خطة
تنموية للنهوض بالاقتصاد الوطني، وشدد جلالة الملك على ضرورة تشجيع الاستثمار
المحلي والعربي والأجنبي، من خلال تقديم كل التسهيلات الممكنة، مؤكدا جلالته ضرورة
العمل على تطوير العلاقة بين القطاعين العام والخاص.
كلام جلالة الملك ليس جديدا بل منذ عشرين عام
يتحدث عن النهوض بالاقتصاد من خلال الاستثمار والعلاقة بين القطاع الخاص والعام
وهذه الزيارة والعلم عند الله انها مقصودة من جلالته لأنه يلتحق في دورة كلية القيادة
والأركان لهذا العام، إضافة إلى الطلاب الأردنيين، 93 طالبا من السعودية،
والبحرين، والكويت، والإمارات، وعُمان، وقطر، ومصر، ولبنان، والسودان، وعدد من
الطلاب من دول آسيوية وإفريقية، واراد جلالته ان يبعث برسالة واضحة للجميع، وخاصة
الاخوة في الخليج ان الاردن مصر على الشراكة معهم للنهوض بالاقتصاد من خلال زيادة
الاستثمار الخارجي وخاصة رأس المال العربي وانه جلالته يتابع هذا الموضوع شخصيا
وهذا ليس بجديد، وأن جلالة الملك ومنذ شهرين يضع هذا الموضوع على سلم الاولويات
واجتماعه برئاسة الوزراء منذ اكثر من شهر ونصف واعطاءه مهلة للوزارة لتسهيل امور
المستثمرين وطلب يشكل مباشر ان يكون هناك جرأة في اتخاذ القرارات للنهوض بالوضع
الاقتصادي والاستثمار وزيادته عاموديا وافقيا، كما ويأتي هذا الحديث قبل زيارة
جلالته لليابان الاسبوع القادم ويتزامن مع تعديل وزاري او تغير وزاري (احتمال
ضعيف) بعد عودته بالسلامة.
المشكلة فيمن يتولون الامورإما غير مؤهلين
فعليا او يتغيرون بمجرد استلامهم للاسف فكم تسمع من التنظير والكلام المنمق العلمي
قبل استلام المناصب ثم تتفاجيء بكم هائل من الاخطاء التي تصدر منهم اعتباريا طبعا
وليس شخصيا والنتيجة انهم اتوا للحصول على ميزات المنصب الحكومي ليغادر بعدها اما
خارج الاردن او داخله بفرصة عمل خرافية بالاضافة لمنافع الوظيفة الحكومية، مسؤولو
الاستثمار هم نفسهم منذ سنوات يقفزون من منصب الى اخر آن الآوان أن نجد اشخاص
حقيقيون بالانتماء ولديهم القدرة على التغيير وهم كثر ولكن تبقى المشكلة ان يأخذوا
فرصتهم لخدمة وطنهم.
لقد فهم الاستثمار وشراكة القطاع الخاص
بطريقة خاطئة في الاردن بل وتدخلت به المصالح الشخصية فهب من يتولون امور
الاستثمار واشراك القطاع الخاص الى خصخصة القطاع العام بشكل كامل وبدون دراسة
مستقبلة او آنية اكتوارية حقيقية ومحايدة مبنية على القيم السوقية والاستثمارية؛
حيث لم يتم تحديد الاصول وسعرها السوقي بالقيمة الحقيقية ولو نظرنا الى كل مشاريع
التخاصية لوجدنا ظلم قد وقع على الوطن بسعرها بل بالعكس اعطت ميزة احتكارية مباشرة للمستثمر
الاجنبي وفي قطاعات سيادية.
الاصل بالاستثمار ان يبنى على ركائز ثلاثة
الاول راس المال الثاني المعرفة والطرق الصحيحة للانتاج والثالثة الخبرة او الاسم
التجاري مجتمعين او احدهما على الاقل ولكن ما حصل عندنا في الاردن لم يكن كذلك
والدليل واضح من التجارب السلبية الكثيرة مع عدم نكران بعض الاستثمارات الحقيقية
الناجحة.
الجذب الاستثماري يحتاج الى بنية تحتية
وخاصة القوانين والتعليمات والابتعاد عن التعقيد فليس من المعقول ان يتم التعامل
مع المستثمرين كما تتعامل بعض المؤسسات والادارات الحكومية مع المراجع العادي بل
يحتاجون لتعامل يتناسب والحاجة لهم لدعم الاقتصاد الوطني كما انه لا يمكن تركهم
وحدهم بمجرد تسهيل امورهم وفتح استثماراتهم بل لابد من المتابعة معهم والتنسيق
وتذليل اية عقبات تظهر وايضا مراقبتهم فلا يسمح لهم بالتوغل كما يردون من الجهة
المقابلة وخاصة في امور سيادية اما بخصوص الاستثمارات القائمة فان الاوان ان يتم
وفتح المجال للتنافس في قطاعات كثيرة مثل الطاقة الكهرباء والاتصالات والفوسفات
والمطارات والتعليم وتكنولوجيا المعلومات ...الخ، ما دام هناك رغبة من مستثمرين آخرين بالدخول
بهذه القطاعات فالمستثمر لم يشتري البلد وكل شيء انما هو مستثمر بعمله وخبرته
وماله فما المانع من وجود شركة فوسفات ثانية او ثالثة فالمستثمر اشترى الاليات و
المعدات ولكنه لم يشتري المخزون من الفوسفات والامر ينطبق على البوتاس وكذلك
المطار فالمستثمر الفرنسي لم يشتري الاجواء الاردنية فالمانع ان يكون اكثر من مطار
في العاصمة او المحافظات وما المانع ان تفكر الملكية الاردنية بانشاء مبنى خاص بها
كما هو الحال في اكثر النواقل الوطنية في العالم والامثلة كثيرة.
السفراء يجب ان يكونوا اقتصاديين لان
الدور السياسي في الاردن محصور بالقصر مباشرة والاعمال القنصلية اغلبها تتحول الى
الكترونية والمحافظون كذلك: هذان المنصبان بحاجة ان يكونان منصبين اقتصاديين لجذب
وتسهيل وتشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي او جذب المستثمر المهاجر المحلي او
السابق وتدعيم الاستثمار في المحافظات، إن البداية للاستثمار تكون من اعداد الموازنة لانها الخطة السنوية للحكومة
مع وضع معايير واهداف تراقب من قبل الوزرات يوميا وتراجع من الجهات الاخرى بما
فيها مجلس الوزراء شهريا وربعيا، فالمال موجود في البنوك كودائع والمستثمرون
الاردنيون موجودون في كل بقاع الارض القريبة منا والبعيدة والمستثمر الاجنبي موجود
ولديه الرغبة بالاستثمار باي بقعة في العالم اذن المطلوب هو جهد بسيط للإقناع من
خلال ضمانات وقوانين ناظمة وتحفظ الحقوق.
تحديد خريطة استثمارية للأردن هي اولوية
مع وضع الضوابط وليس تحديد الاستثمار لان المستثمر افهم في نوع الاستثمار من
الجهات الحكومية التي يجب ان لا يتعدى دورها التسهيل والتنسيق والمراقبة، وان تكون
هذه الخريطة عملية متجانسة وقادرة على التكيف بعيدا عن المظاهر الاعلامية، اعلم
انه تم طرح هكذا امر سابقا وقد يكون موجودا ولكن ليس بالصورة المطلوبة، الاردن
لديه اتفاقات اقتصادية دولية لابد من الاستفادة منها لجذب الاستثمار والاستفادة من
التغيرات السياسية الاقليمية والعالمية ويستحق الاردن ان يستثمر به كبرى الشركات
العالمية فهو وطن السلام والامن وشعبه وفي وعظيم حفظ الله الاردن.
[email protected]