بقلم: سيف تركي أخو ارشيدة
لن أجامل كثيرا ، وكما لن أبالغ في
المديح للمنجز الحقيقي لنقابة المعلمين و الذي صنعه صمود بكل ما تحمل هذه الكلمة
من معنى للقائمين على هذه النقابة وأعضائها بقوتهم العددية و الوجودية وأدواتهم
التفاوضية و سيطرتهم المحكمة على أهم المؤسسات الحكومية و مغامرتهم بالقطاع
التربوي برمته، ومع ذلك لا يمكن أن أصفه بأقل من كلمة منجز حقيقي ، و بهبة شعبية و
كأنما لا خيار أخر الا التسليم كما تم بالمطالب .
ولكن يبدو أن الإضراب لم يكن مجرد
إضراب اعتياديا أو حالة موصوفة للتعبير عن ظلم واقع وأكيد على شريحة واسعة من
ابناء الوطن ، فكان درسا و خطى مقلدة بشكل تتابعي و مباشر ، و يبدو أنها حمى
ستنتقل من والى أغلب القطاعات الحكومية بالأمس مع المعلم و اليوم مع الممرض ، ولكن
متى سنكون مع الوطن ؟
لا أبيع الوطنيات ، ولا أزكي نفسي
فأعلم جيدا أنكم تفوقوني انتماء وخوفا على المصلحة العامة والاردن ، ولكن لماذا
نختزل المشاهد ، فطالما نمتلك أدوات مبهرة في تحقيق المطالب ، لماذا قبلنا أن
يفعلوا في الأردن ما فعلوا ، لماذا نسمع و نشاهد و نكتفي أن نتناقل قضايا الفساد (
فكما حامل الخمر كشاربه شركاء ) ، فنحن في هذا الوطن أيضا شركاء وفي المسؤولية
شركاء ، سكتنا عندما أتيح لنا الحديث ، كنا محايدين الى ان أضعنا الحق ، تعودنا أن
نقول (امشي الحيط الحيط و قول يارب الستر) ، الى أن طارت الطيور بأرزاقها ، فــ يد
الفساد تمادت و قيدت الأموال العامة في سجل ملفات الهيئات المسؤولة عن النزاهة و
الفساد و المحاسبة ، و في أرصدة الفاسدين.
لماذا لم نخلق مشهد مماثل من الفزعة و
الخوف على الوطن بكل مافيه شعب و مؤسسات جميعها عبث بها الفساد ، و أين كان أصحاب
الصفات التشريعية و صوت الأمة من ذلك ، وأكتفوا بالتمثيل وما علا صوتهم الا من أجل
إنارة شارع أو تعبيد طريق ، و سلق العديد من القوانين و البحث عن مكتسبات ورواتب
تقاعدية و غيرها من رصيد الثروة و لكن المشروعة بحسب افتراضهم من كد الشعب و
تحويشة عمرهم في الضمان الإجتماعي على اعتبار وصفها استحقاق نهاية خدمة شعب لم يرى
منهم سوى شعاراتهم ولم يسمع منهم الإ وعود و غيرهم من المؤثرين الذين طفوا للسطح
مؤخرا .
ونحن في غفلة من ذلك تجاوز علينا زمرة
فاسدة ، نعرفهم و نعلم جيدا من هم و كيف
أقتسموا الوطن الى أن أصبحنا دون قوة لنقاوم و نخرج من عنقة الزجاجة المزعومة ، و
تركونا تحت رحمة شروط صندوق النقد و القروض و الدول المانحة ، متى سنكون مع الوطن
، وطني يؤلمني ، والوقع يؤلمني بمعطياته أكثر .