بأسلوب جذب هوليود السينمائي المريب
يتحدث معك أحد أصدقائك او شخص لا تعرفه ولا سطحيا وحديث الجاذبية بالود وأنه يريدك
في عمل سيحقق لك دخلًا خياليًا، دون أن يخبرك بطبيعة ذلك العمل المزعوم،وهي أهم
القواعد للتسويق الشبكي (لا تخبر العميل بطبيعة العمل في التليفون، دعه يأتي أولًا
ونحن قادرون على إقناعه فلربما سمع عن الموضوع بصورة سلبية).
يسألك عن دخلك وكم هو ضعيف ولا يلبي حاجاتك،
يتحدث عن عدد الساعات الكبير الذي تقضيه في عملك أو وقت فراغك الذي تنفقه على فيس
بوك، يتحدث عن مستقبلك وفرصك الضئيلة في الترقي في الوظيفة، حديث بائس الهدف منه
إقناعك أنك شخص فاشل ذو مستقبل مظلم، ثم فجأة يأتي المنقذ الذي سيخلصك من فقرك
وبؤسك. ويبدأ لعاب الضحية يسيل لكمية
النقود التي يخبرك أنك ستحصل عليها ثم يشرح لك طبيعة العمل وفي النهاية يخبرك أنه
لكي تشترك معنا فلا بد أن تدفع مبلغ لشراء
المنتج أما وهمي رخيص او منتج مكمل غذائي قيمته اقل بمئة ضعف عن قيمته الحقيقية
ولذلك لتصبح عضوًا جديدًا في رحلة الملايين.
لقد أحببت أن تكون بدايه مقالي
مسليه حيث لا تستطيع أن تبدأ حديثك عن
التسويق الشبكي دون أن تذكرها، والصحيح الان ان تفهم معنى التسويق الشبكي فنحن
بحاجة إلى أن نفهم بعض وتأثيرات ذلك النشاط من العمل اقتصاديًا واجتماعيًا على
الفرد والمجتمع.
فالتسويق الشبكي هو عملية ربح معروفة
عالميًا تعتمد على مبدأ التسويق التواصلي one-to-one
marketing حيث تشتري منتج ما من صاحب النشاط فتتحول بعدها إلى مسوق للمنتج من
خلال عمولة تحصل عليها. وكلما استطعت إقناع أكبر عدد من الأشخاص وخاصه الطبقة الكادحة
بشراء المنتج كلما زادت عمولاتك ثم يقوم الأشخاص بأقناع آخرين وهكذا بمنتج حقيقي او وهمي كما ذكرت سابقا.
ان نشاط التسويق الشبكي أسلوب جديد للإحتيال على
الاردنيين وهذا يذكرنا بالعام الذي خسر الاردنيون جميع مدخراتهم في البورصات الوهمية
عام ٢٠٠٨م.
وهكذا تبدأ مسيرتك كضحيه بنشاط التسويق الشبكي لإغراء اخريين من خريجي
الجامعات الجدد على العمل بشكل شبه مجاني بـ 50 دولار شهرياً فقط (نحو ٣٥ دينار)
يعمل الشاب او الفتاه المنضم حديثاً في هذا النشاط، فيما لا يتقاضى على مبيعاته أي
عمولة أو راتب، بل ينتظر حتى ينهي نحو عامين من العمل ليتسلم المبلغ الموعود للبدء
بتأسيس هذا النشاط المرخص لبيع المكملات الغذائية او خواتم الطاقة او الرُجيم. ومن
جهة أخرى يتكاثر الضحايا بغسيل ادمغتهم بالثروة الوهمية بدفع قيمة المنتج من ٤٠٠د
إلى ١٠٠٠د ومحاولات إقناع آخرين لشراء المنتج للحصول على العمولات الرخيصة بقيم
زهيده ٣٠ إلى ٥٠ دولار همهم الوحيد هو تحصيل ما دفعوه وهذا يستمر لسنوات، وفي حالة
توقفه لا يحصل على شيء، وهكذا يصبح أداة عامله ببلاش بيد رأس الهرم الذي يجمع
المال والباقون يجمعون الرماد.
ويمضون الضحايا معظم ساعات النهار في
زيارة اماكن العمل والمنازل محاولين اقناع من يلتقونهم بجدوى سلع متنوعة يحملها في
حقيبته، وهنا يظهر استغلال صاحب النشاط وهو في خارج الاردن وادواته يجمعون المال
باقناع الناس بالانضمام للنشاط الذي يعمل
فيه مصوراً لهم سهولة العمل وجدواه، مستغلاً حالة البطالة التي يعاني منها هؤلاء
وطامعاً في النهاية في زيادة رصيده، حتى يأتي الوقت وبعد جمع صاحب النشاط ملايين
الدنانير يغلق ابوابها، مغلقاً مع ذلك مفاتيح مستقبلهم وليس لهم أي الضحايا أن
يتقدموا بشكوى.
ومن هنا أود أن أشير ان الميزات التي
يعرضها صاحب النشاط للناس انه يملك فروعاً في جميع دول العالم بحيث يمكن ممارسة النشاط التسويقي خارج الاردن.
مع العلم ان جميع الدول التي يزعم صاحب
النشاط أنه يملك فروعاً فيها تعمل على
اغلاق هذا النوع من «البيع الشبكي»، وكان آخرها مصر التي اغلقت خلال السنتين
الماضيتين عشرات الشركات التي امتهنت النصب والاحتيال وجمعت ثروة تقدر بـ بعشرات
ملايين الدولارات.
حيث كما ذكرت سابقا ان هذا النشاط
يشترط على العضو الجديد فيه دفع ٧٠٠ دولار وأكثر كرسوم اشتراك قبل ان يبدأ العمل،
فيما يخضعه لدورات في الاقناع وفن التعامل مع الزبائن. الواضح أن هذا النوع من العمل نتيجتهُ أن الضحايا سيخسرون
رسوم الاشتراك ومصاريف العمل وسنوات من حياتهم بلا طائل وان معظم ضحايا هذا النشاط
هم من طلاب الجامعات والخريجين الجدد وربات البيوت والمتقاعدين.
وهنا أود أن أشير إلى ان معظم الخبراء
يؤكدون ان نشاط التسويق الشبكي قائم على
النصب والاحتيال على العاملين ضمن خطة للعمل في غالبية دول العالم بحيث يبدأ العمل
في بلد ثم تغلق مكاتبها او يتم كشفه من القوى الامنية ويحال مالكوه الى القضاء
ومعظم الذين يمارسون التسويق الشبكي في الاردن يملكون ترخيص حكومي تحت مسميات اعلان وتسويق او استيراد وتوزيع منتجات تجميل
ومكملات غذائية دون الإشارة إلى آلية التسويق التي تستقطب ضحاياهُ في وهم الثروة.
وبما ان للحديث بقيه فإننا نحذر من
العمل في النشاط لكونه لا يقدم ضمانات للعاملين فيه، ويمكن اغلاق مكاتبه في أي
لحظة، سواء من قبل مالكيه او من قبل الاجهزة الامنية بعد كشف التلاعب مع عدم امكان
ملاحقته من قبل المتضررين.
احذروا نشاط التسويق وأحمي نفسك
وعائلتك والسبب بسيط فمثل هذه النشاطات هو استغلال للناس و كذلك التعدي على قوانين
وشفافية سوق المنافسة. وهذا النشاط يعود
مجددا وبقوة في الدول المتخلفة وذلك بعد توفر البيئة الملائمة من الشباب
المتعطله و شبكات التواصل الاجتماعي و نقص الوعي، حيث تنقل الأموال والعملات
الصعبه إلى خارج الوطن بعمل مؤتمرات وهميه وزيارات إلى الخارج طبعا لبعض الأشخاص
المحددين.
الحل الوحيد هو مكافحة هذا الاحتيال
قانونيا والمحاربة الإلكترونية عن طريق التوعية لتجنب هذا الفخ.
عمومًا في الحياة لا تدع المال قبلتك
ولا تجعل سعادتك مشروطة به وإن لم تستطع فالتسويق الشبكي ليس الوسيلة لذلك.
للحديث بقية
* خبير بإدارة التنمية البشرية
المستدامة ومستشار بنظم الاحتيال الاليكتروني