بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
يعاني التعليم في بلدنا حاله كحال القطاعات الأخرى من كثرة الاجتهادات وغياب للرؤى الاستراتيجية الواضحة وعدم البناء على المنجز بل على العكس من ذلك نسفه والبناء من جديد وهكذا، مما يجعلنا نترنح في مكاننا وأحيانا نعود خطوات كبيرة للوراء.
فعلى سبيل المثال امتحان الثانوية العامه والذي مر بمراحل عديدة من التطوير والتحديث وأحيانا من التخبط، فتارة نجرب عقد الامتحان على دورتين وأخرى على دورة واحدة وسريعا نعود الى نظام الدورتين وهكذا وحسب فلسفة وتوجهات الوزير المعني وطاقمه الذي يساعده رغم أن الطاقم في معظم الحالات لا يتغير وإنما يغير قناعته وتوجهاته حسب توجهات ورؤى الوزير المكلف. المشكله أننا لا نتعلم من تجارب من سبقنا ونحاول أن نبتكر وغالبا ما يكون الابتكار قديم وفشل في حينه، فالمثل العام والذي يقول "المجرب لا يجرب"، لا نستفيد منه، وفي المحصلة يدفع أبناؤنا الثمن.
فما الجدوى من عقد الامتحان على دورة واحدة يتبعها مباشرة دورة تكميلية، والذي دفع بالكثيرين من أبنائنا الطلبه لمحاولة تأجيل بعض الامتحانات للدورة التكميلية والتي يفصلها شهر واحد فقط عن الدورة الصيفية.
الأفضل والمجرب عقد الامتحان على دورتين وتقسيم المواد على فصلين مما يخفف من الأعباء النفسية على الطلبه وأسرهم ويمنحهم الفرصة الكافية لتصويب اوضاعهم وتحسين نتائجهم في الفصل الثاني.
أما فيما يتعلق بأنظمة التعليم العالي والتي أيضا تعدل حسب توجهات واجتهادات الوزير وطاقمه، مما يربك التعليم العالي برمته، فتارة نقرر ضرورة تفعيل دور مجالس الحاكميه في الجامعات بمنحهم المزيد من الصلاحيات، في حين نرى على الواقع غياب أو ضعف لهذا الدور مما يتطلب التفكير الجاد في مكونات تلك المجالس بما يتلائم مع حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها.
المثير للانتباه والجدل أيضا أنك تجد في جميع الحالات بغض النظر عن صواب القرار المتخذ او خطئه، من يستميت بالدفاع عنه ارضاء لهذا او ذلك المسئول وأحيانا طمعا في الحصول على المكاسب التي ترافق هذا او ذلك الرضى و في غياب واضح للحيادية والمهنية وتغييب تام للمصلحة الوطنية العليا.