الكاتب: ماهر ابو طير
هناك غموض لا يفك اسراره احد، فالاردن برغم اهميته لأمن الإقليم، ، الا انه متروك لمشاكله، لا يمكن لبلد، له حساسية هذا الموقع، ومحاط بالاحتلال الاسرائيلي، وبأزمات العراق وسورية، وبتمدد ايران الى كل المنطقة، ان يتم تركه ضعيفا بهذا الشكل، فالارادة العربية والدولية، وعلى الرغم من معرفتهما، بما يعنيه ضعف الاردن، او تهديد كل بنيته، الا ان التأمل هو سيد الموقف، ومساعدة الاردن، تجري بالتقسيط الممل.
حتى ذلك التفسير المتعلق بوجود سيناريو يراد تنفيذه في الاردن، على شاكلة الوطن البديل، ثم بعدها سيتم دعم الاردن، تفسير غير مقنع، فقصة الوطن البديل، مجرد حلم نتداوله، لإقناع انفسنا ان هناك مليارات يتم اغراؤنا بها، لكننا نرفض في مرات ونتمنع في مرات، فيما لم يعرض احدا، دولارا واحدا، لتنفيذ هكذا سيناريو، وربما يقال بصراحة ان مخطط الوطن البديل غير قائم حاليا، لا مجانا، ولا بشكل مدفوع الثمن، حتى ننتهي من هذا التفسير الوهمي، لعملية التضييق والخنق، وترك الاردن على الحافة.
الدول العربية الثرية، دعمت الاردن، وهي اليوم، تواجه انخفاضا في سعر النفط، ولديها اولويات اخرى، اقلها مواجهة العجوزات في موازناتها، وحل مشاكلها الداخلية، فهي ايضا، لا تمتلك ترف مساعدة الاردن، في هذا التوقيت على الاقل، لكننا نتحدث فعليا، عن توقيت قريب، اي قبل عدة شهور، حين كان سعر النفط، معقولا، ولم تتم مساعدة الاردن، بشكل جذري، يرفع هذه الاثقال، ويخفف من المديونية، ويفك الانجماد الاقتصادي على الصعيد الداخلي.
الاثارة هنا، ليست قائمة على مبدأ التكسب او نكران العرب، لكن السؤال يتعلق بالكيفية التي سنرى فيها المنطقة، لو انهار الاردن اقتصاديا، وتأثيرات ذلك على كل بنية المنطقة، وامن الاقليم، اذ ان تداعيات هذا التجفيف المالي، ستضرب الجميع، ولن تبقى حكرا على الاردن، في ظل هذه المعادلة، ونحن نرى كل الاخطار، ايران تتمدد، والارهاب يتوسع، واسرائيل تعربد غربا، والاشكالات تتوالد يوما بعد يوم.
هذه المعادلة، كانت قائمة طوال عمرها، اي مساعدة الاردن، لكن شريطة ان يبقى ضعيفا، وتحت اجهزة الانعاش، بحيث لا يقوى، ومازالت هي ذات المعادلة، هذه الايام.
الاردن الذي يجاور الاحتلال الاسرائيلي، من جهة، ، والارهاب في سورية والعراق من جهة اخرى، ، يواجه دائرة مرعبة من النار، وجيشه موزع على كل حدوده، فيما تنقيط المساعدات على الاردن، يكشف امرا غريبا، يتجاوز فكرة ان يبقى ضعيفا، ويقول ان هناك نوايا مبطنة تهدد الاردن، على المدى الاستراتيجي، جراء هذه الضغوطات.
ليس ادل على ذلك، من انتهازية المجتمع الدولي، الذي ضغط على الاردن في ملف الاشقاء السوريين، فتدفقوا بأعداد كبيرة، ثم تركوا الاردن، ليواجه هذا الحمل منفردا، على صعيد الضغط على بنيته واقتصاده وامنه، وبحيث تم اغراق الاردن، باللاجئين، مقابل وعود لم يتحقق اغلبها، فهل هذه السياسات الدولية، تقول ان الاردن مطلوب ان يبقى قويا في مراكز القرار في العالم، ام مطلوب اضعافه.
تهديد الاردن، واضعافه، سيؤدي الى نتائج خطيرة جدا، وترك الاردن على الحافة، مهددا، سيأخذ معه دول كثيرة، وسوف يؤدي هذا الحال، الى قلب معادلة امن الاقليم، اذ لم يعد مناسبا، الاستمرار في سياسة، ..»اغيثوا الاردن، بالقليل حتى لا يموت، وفي نفس الوقت، لا نريده قويا»..، فنحن امام مفاصل، تقول ان الضعيف لن يحتمل اكثر هذا الضغط، والقوي ايضا، سوف يدفع ثمن تفرجه على امن الاقليم، وهو يتبدد.
عن الدستور