أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك مطارات دبي تحول مسار رحلات وتلغي أخرى بسبب الحالة الجوية فريق بايدن يعدل فيديو له 8 مرات في 24 ثانية "لن نقبل أن نصبح وطنا بديلا".. ميقاتي: لبنان تحمل العبء الأكبر بين دول المنطقة بملف النازحين مصرع شخص وفقدان آخر إثر سيول جارفة جنوب غربي السعودية سيارتو: الناتو يريد جمع مائة مليار دولار أخرى لأوكرانيا حماس: لدينا روح إيجابية تجاه مقترح لوقف إطلاق النار ووفدنا سيتوجه لمصر الإعلان عن استشهاد الطبيب البرش المعتقل من مستشفى الشفاء خبير الزلازل الهولندي الشهير يحذر من ظاهرة على سواحل المتوسط السيسي يوجه مدبولي بدعم مخصصات صندوق طوارئ العمال وحوار لطيف بينهما حول حجم الزيادة الكرملين يعلق على الضربة المحتملة ضد جسر القرم ولي العهد يزور الوكيل أول متقاعد إبراهيم الختالين تحديد سقوف سعرية لدجاج “النتافات” و”باب المزرعة” وللموزعين تفاصيل جديدة من الأمن حول حريق هنجر في بلعما السعودية تعلن تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطن بتهمة "ارتكابه أفعالا مجرمة تنطوي على خيانة وطنه"

القسم : بوابة الحقيقة
الانحراف والتطرف الفكري عند الشباب نظرة تكاملية للعلاج
نشر بتاريخ : 2/27/2019 3:49:01 PM
فادي محمد الدحدوح

 بقلم: فادي محمد الدحدوح

 

مع تقدم المجتمعات وتسارع الأحداث، والتوجه الهائل نحو استغلال الثروات وبناء حضارة إنسانية متينة متضامنة لفائدة البشرية جمعاء، يعد الشباب نبض الحدث وقلب المجتمعات النابضة بالحياة للتوجه نحو مستقبل أفضل، إنهم العنصر الأكثر فاعلية وأهمية في عملية التخطيط لمستقبل الأمم الطامحة نحو فجر مشرق وبناء السلام الداخلي والخارجي.

إن الخلل الفكري الذي يجتاح العالم اليوم، ويجد من يتقبله ويعتنقه ويتأثر به، إنما يعزى ذلك إلى ضعف التنشئة، والجري غير العقلاني وراء الأهواء، والركض خلف الإثارة على حساب الحقائق  العلمية، ولأجل ذلك أصاب الجو الفكري بعض الملوثات الخطيرة تماماً كما يتلوث الماء والهواء بما يفسد الصحة.

 

إن شبابنا العربي يسير متفاعلاً مع مجريات الحياة من حوله؛ ولذلك فإن دوره يؤثر في هذه المجريات ويتأثر بها بما قد ينعكس على سلوكه وأخلاقياته وطبيعة علاقاته الاجتماعية وانتماءاته المختلفة. كذلك، فإن المجتمع العربي يتميز بالكثافة الشبابية في بنائه الديموغرافي، وإذا ما استطاع أن يوظف قوة الشباب بشكل ملائم وفعال، ويستثمر طاقاتها على نحو سليم ؛ كانت هذه القوة ايجابية وبناءة، واستطاعت أن تمارس أمورها بشكل صحيح مما يؤدي إلى ريادة المجتمع والنهوض والسير به نحو مستقبل أكثر رفاهية واستقراراً ينعم بوافر الهدوء والأمن والسلام الداخلي. أما إذا فشل المجتمع في استيعاب قوة شبابه وإمكاناته التي لا حدود لها فإنه يصبح مهدداً بالعديد من الظواهر التي تهدد أمنه واستقراره وتعوقه عن التنمية هذا فضلاً عن احتمالية أن يصاب المجتمع بالفوضى وتتبدد طاقاته في التصدي للعديد من الظواهر السلوكية المرضية التي قد تشيع في بنائه الاجتماعي بعامة وفي طليعته الشبابية بخاصة.

 

الإرهاب، التطرف الفكري، الإنحراف الفكري  ظواهر تعبر عن السلوك المشوب بالقسوة والعدوان والقهر والإكراه، بعيداً عن التحضر والتمدن، تستثمر فيه الدوافع والطاقات العدوانية استثماراً صريحاً بدائياً، كالضرب والتقتيل والتكسير والتدمير للممتلكات، واستخدام القوة لإكراه الخصم وقهره. ويمكن أن يكون فردياً أو جماعياً أو عن هيئة تستخدم جماعات كبيرة كما يحدث في التظاهرات. 

 

ويمكنني القول بأن السلوك المنحرف الذي يوجه الأفراد نحو التطرف وممارسة الإرهاب في حالة توافر أرضية فكرية خصبة تبرر أنماط السلوك التدميري، وقابلية الإيحاء لتقبل الأفكار وتنفيذها على أرض الواقع، والفرصة السانحة لتحول مشاعر سالبة إلى أنماط سلوكية على أرض الواقع، والتطرف على المستويات الثلاث.

 

فالانحراف الفكري والتطرف هو أصل الإرهاب، لكن هذا العدوان له تربته الخاصة المتمثلة بالأمراض الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة كالفقر والاستغلال والهيمنة الثقافية التي تقدح شرارة العدوان وبالتالي الإرهاب. فالإرهاب يتحرك ضمن خلفية واسعة، حافزة على الإرهاب وسط هذه التناقضات والصراعات. فالإرهاب يبدأ حينما يعجز العقل عن اللجوء إلى أساليب منطقية في التفاهم والتحاور مع الطرف الآخر.

 

ويعد الانحراف الفكري والتطرف مخالفاً وخارجاً عن الدين الإسلامي في عقيدته الصحيحة وشريعته السمحة وتعاليمه السامية و أخلاقه الفاضلة، بل طعن لمبادئ الأمة وخلخلة لصفوفها، وتشتيت لجهودها وقدراتها، وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين.

 

إن تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعاتنا العربية، وإتباع الفتاوى الشاذة، وانتشار البطالة وشح فرص العمل، وتدهور الاقتصاد وتدني دخل الفرد، والتذمر والمعاناة، وغياب الحوار المفتوح، وعوامل الصراع العرقي والديني والخلافات الداخلية، وضعف الحكومات، وعدم الثقة بالسلطة السياسية، كل تلك المنابع تؤدي إلى أعمال إجرامية.

 

إن الإنحراف الفكري ليس مشكلة أحادية البعد من حيث أسبابها أو من حيث طرق الحل؛ وبالتالي فإن تصدي أجهزة الدولة لها لا يجب أن تقتصر على طريقة واحدة وهي العنف لأنها تؤدي إلى مزيد من العنف ولكن الاهتمام بمشاكل الشباب وإيجاد حلول لهم لتمكنهم من القيام بدورهم من خلال  مشاركة أكثر إيجابية، وأكثر فعالية، مشاركة تتضافر فيها الجهود مجتمعة من أجل التصدي لمشكلاته والخروج من أزماته على نحو صحيح.

كما أن هناك دور مهم ومأمول من مؤسسات التعليم العالي في مواجهة الفكر المتطرف بعملية التعليم لكونها عملية متكاملة تعتمد على أربعة مقومات أساسية هي: الطالب والمنهج وعضو هيئة التدريس وبيئة التعليم. وهذا التعليم قائم على التفكير والإبداع وبناء الحوار المفتوح وإشباع حاجات الطلبة، وضرورة وضع خطة إستراتيجية بالتنسيق مع إستراتيجية التنمية الشاملة للدولة بحيث تكون الأهداف منبثقة من أهداف وحاجات المجتمع، وصياغة المناهج بعقلية منفتحة قابلة للتعديل حسب مقتضيات العصر وتقدم حلول عملية لمشكلات المجتمع. 

 

 كما لا بد من بناء برامج إعلامية مخصصة لتوعية الشباب بأمور الدين الصحيحة وتدريبهم على مواجهة الأفكار الضالة، وعقد الندوات والمحاضرات للشباب التي تضم المتخصصين، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدوافع وراء العمليات الإرهابية. كما هناك حاجة ضرورية لاهتمام المراكز المجتمعية المختلفة بفتح المجال والفرص للعمل والتنفيس عن طاقات الشباب وتوسيع الاهتمام بمراكز الإرشاد النفسي، فلا بد من الاهتمام بالمعالجة التربوية المتكاملة والبعد عن الجزئية في علاج المشكلات الفكرية والاهتمام بتوفير الحماية المتكاملة لفكر الشباب في العقيدة و العبادة والأخلاق، وعليه لا بد من دعوة المؤسسات الاجتماعية، والدينية، والإعلامية والأكاديمية إلى تبني استراتيجية علمية تهــدف لمواجهة التطرف والانحراف الفكري والظواهر الأخرى ذات الخطورة على المجتمع.

 

Email: Phd.fadi@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023