لم أجد عنوانا أشد فزعا من هذا العنوان وهو المحصلة لما يمكن أن يحدث للمسجد الأقصى المبارك كنتيجة للمخططات الصهيونية المترجمة عمليا على الأرض بخطوات بطيئة ولكن ملموسة، والتي تصب جميعا نحو تهويد مدينة القدس بالكامل وإفراغها من المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين بشكل تام، فهذا ليس خفيا وليس كلاما لمداعبة العواطف أو للمراهقة السياسية.
إن ما أقوله هو واقع فعلي ضمن مشروع الخطوة خطوة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، هذا المشروع الذي لم يولد حديثا بل بدأ مع احتلال أراضي الضفة الغربية واحتلال الجزء الغربي لمدينة القدس الذي يشمل المسجد الأقصى المبارك، فمن تلك الأيام بدأ ذلك المشروع لكنه اصطدم بحواجز أبطأت من سيره نحو تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل الزعوم على أنقاضه، فمنذ عام 1967 وحتى العام الماضي كان المشروع الصهيوني يسير بخطوات السلحفاة وبعد اعتراف الولايات المتحدة بأن القدس عاصمة موحدة للدولة الصهيونية كبداية عملية لصفقة القرن، أصبحت خطوات المشروع الصهيوني نحو تهويد القدس والأقصى تسير بخطوات سريعة حثيثة.
وكلنا يتابع تدمير البيوت والعقارات الفلسطينية وتسريبها لليهود من خلال سماسرة عملاء، وعدم إعطاء الفلسطيني المقدسي ترخيص للبناء بشكل مطلق، وإغراق المقدسيين بالضرائب التي لا تطاق، وتضييق سبل المعيشة على المقدسي، والاعتقال العشوائي للمرابطين والمرابطات داخل المسجد الأقصى والتنكيل بهم، وإصدار أحكام الابعاد القضائي لفترات طويلة عن المسجد الأقصى.
لم يعد المشروع الصهيوني خفيا، فبعض حكامنا اشتروا كراسيهم وبقاءهم على سدة الحكم برضى الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال وبالتالي رضى الولايات المتحدة عنهم رغم جرائمهم في حق شعوبهم، ولماذا لا يعلن اليهود عن مشروعهم فالعرب لاهثون وراء تطبيع العلاقات الكامل مع الصهاينة، لقد بدأ سعار التطبيع مع دولة الاحتلال ينتشر بسرعة، فبعد أن كانت لقاءات سرية، وعلى استحياء، أصبحت اللقاءات علنية، بل وبدأت الآلة الإعلامية لبعض الأنظمة العربية تطبل لحق اليهود في فلسطين وأنها أرضهم، وأصبحت بعض القنوات العربية تتحدث بلسان الحركة الصهيونية ودولة الاحتلال الصهيوني المارق.
ماذا عساني أن أقول، ماذا تحتاج الأمة لتصحو لتذود عن قبلتها الأولى، ومسرى نبيها ومعراجه وارض الصحابة والشهداء وثالث أقدس البقاع للمسلمين على وجه البسيطة، هل هانت عليكم يا حكام العرب ويا أمة العرب والإسلام؟ هل فقدتم غيرتكم لمحارم الله ومقدسات دينكم؟
للأسف إن دولة ماليزيا سجلت موقفا بطوليا وشجاعا في رفض استقبال الوفد الرياضي لدولة الاحتلال الإسرائيلي بينما استقبلته دول عربية، والله إن علينا أن نشعر بالخجل والعار، فنتنياهو يستقبل من عاصمة عربية لأخرى كالفاتحين، والبعض يتغنى بحب السلام مع الصهاينة، أين تسيرون يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أكل هذا لخوفكم من عظمة الولايات المتحدة والتي تخشونها أكثر من خشيتكم من الله؟
من هنا يأتي ذلنا وهواننا وضعفنا؟ وهذا الحال مرت به أمة الإسلام سابقا لكن هل من قاريء للتاريخ، فالله تعالى قال: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم.
فهم لن يرضوا عنا أبدا إلا ونحن عبيد لهم، لم يعد هنالك إلا بعض الأصوات الشريفة التي تندد ضد أفعال الإسرائيليين بعد أن كان جميع العرب ينددون، مع أن التنديد لا يغني من الأمر شيء دون خطوات عملية جريئة وملموسة، إن ما يدفع العرب لذلك هو خوفهم وتبعيتهم للولايات المتحدة ولذلك يطمعون برضى أمريكا من بوابة إسرائيل وذلك ليس خفيا على أحد، لكن التاريخ سيسجل من نصر الأقصى ومن خذل الأقصى.
يتبادر لذهني سؤال وهو لماذا لا يهدم الأقصى سريعا من قبل الاحتلال الإسرائيلي؟ والجواب هو أن هذا قد يحصل لكن لن يحصل سريعا بسبب صمود أهل القدس العظماء، وثانيا لأن دولة الاحتلال تخشى من ثورة عارمة من قبل الشعب الفلسطيني أو الشعوب العربية تحرج الأنظمة العربية المتصالحة مع الصهاينة أو التي تمشي بخطوات السلام مع الصهاينة، وأنا أحذر أن الوضع بمدينة القدس خطير جدا، فما حدث من أيام من احتلال لمسجد قبة الصخرة ما كان إلا لجس النبض حيث معروف أن الصهاينة يسعون لبناء الهيكل على أنقاض مسجد قبة الصخرة، وتسير الخطوات الصهيونية حاليا باتجاه تحويل المقبرة الإسلامية لحديقة عامة وفتح باب الأقصى الملاصق لها لعمل كنيس صغير داخل باحات المسجد الأقصى المبارك ضمن مشروع الخطوة خطوة.
فيا أمتنا العربية والإسلامية هل من صحوة قريبة، إن المسجد الأقصى ومدينة القدس هما الأوكسجين الذي تحتاجه الأمة، فمن بوابة نصرة الأقصى يأتي العز والتمكين والتخلص من مشاكلنا الاقتصادية والسياسية، الأقصى هو بوابتنا للسماء وبوابتنا إلى الله فهل من طارق لهذا الباب؟