بقلم: د. اسعد عبد الرحمن
خلافا للأزمات التي عرفتها حكومة (بنيامين نتنياهو) في السنة الأخيرة، والتي جرت العادة على أن يهدد (نتنياهو) نفسه شركاءه بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، بدا في أزمة استقالة وزير "دفاعه" (أفيغدور ليبرمان) خائفا من الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة. وبالفعل، بذل أقصى جهده للحفاظ على حكومته التي باتت تعتمد على أغلبية نائب واحد، متعللا بـ "مصلحة أمن إسرائيل" التي تقتضي الحفاظ على الحكومة وأن "أمن الدولة أهم من اللعبة السياسية الحزبية والمصالح الشخصية". فـ(نتنياهو) الذي رأينا تمنعه عن المواجهة الواسعة مع حماس، في ظل اتهامه بالفشل في "ردع" الحركة، يفكر بمستقبله في الانتخابات القادمة. وحتى وهو يسفك دماء الفلسطينيين في غزة، عبر اللجوء للطيران والقصف، يعلم أنه لا يمكنه ضمان حماس، ولطالما سيكون قطاع غزة فخا له يقوده إما إلى مزيد من الصمت عن "الردع" مؤيدا من المؤسسة الأمنية/ العسكرية ومعتمدا عليها، أو تسريع الوصول إلى التفاهم قيد المفاوضات مع الحركة. إذن سيبقى الوضع في قطاع غزة بين المد والجزر وهو ما "يفيد" إسرائيل وحركة حماس معا. وفي هذا تقول (عميره هاس): "نتنياهو، في دعمه للقطاع ككيان سياسي منفصل، لم يجدّد شيئاً عن حكومات سابقة: خلق واقع الجيوب الفلسطينية المعزولة (قطاع وضفة بدلا من تسوية شاملة مع الفلسطينيين). ولقد أثبتت "حماس" ونتنياهو أيضاً أن في الإمكان المحافظة على هذا الواقع، من دون سفك دماء رهيب". وفي مقال مشترك لقادة حركة "مستقبل أزرق أبيض" (عامي ايالون) و(جلعاد شير) و(اورني باتروشكا)، وهي حركة تدعو "لحل الدولتين"، كتب هؤلاء يقولون: "طالما لا تسعى حكومة إسرائيل لحل سياسي في غزة وفقا لرؤيا الدولتين وانطلاقا من نظرة واسعة لعموم الساحة الفلسطينية والاقليمية، فإن حدود القطاع ستبقى تنزف، والحقول ستواصل الاحتراق والصواريخ ستواصل السقوط على بلدات إسرائيل"، ولكن – مرة أخرى مع (هاس) – "دون سفك دماء رهيب!
والحال كذلك، ومع هدوء العاصفة السياسية في وجهه، ورغم زعامته لحكومة غير مستقرة، وفي ظل مزايدات من قبل الجميع، يدرك (نتنياهو) أنه أمام أشهر حرجة مليئة بالأحداث الهامة التي يريد لها أن تلعب لصالحه في الانتخابات القادمة، داخليا وخارجيا. فداخليا، تؤرقه ملفات الفساد ضده، والتوقيت الذي سيقرر فيه المستشار القضائي للحكومة (أفيحاي مندلبليت) لائحة الاتهام والمتوقعة في فترة أقصاها شباط/ فبراير 2019، تجعل (نتنياهو) غير ملزم بالاستقالة، وسيبقى رئيسا للحكومة وليس لحكومة انتقالية مشغولة في الحملة الانتخابية. وخارجيا، يفضل (نتنياهو) أن يأتي موعد ما يسمى "صفقة القرن" المنحازة لبرنامجه والمتوقعة أوائل 2019، قبل الانتخابات وبعد "نجاحات مأمولة" في التطبيع مع دول عربية عديدة وهو ما يزيد من قوته الانتخابية. فهل ينجح في رهانه هذا في اجتياز فخ حركة المد والجزر السائدة حاليا؟