بقلم: د. طلال طلب الشرفات
لم يرق لي تصريح وزير الدولة لشؤون
الإعلام –الناطق الرسمي_ بخصوص منصة التواصل الحكومي مع الجمهور؛ حقك تعرف، وذلك
عندما قزّمت دور المنصة من فضاء يتم من خلاله تقديم المعلومة الممكنة للمواطن إلى
مكان لتبديد الشائعات التي تقلق الحكومة أو تضر بمصداقيتها أمام الجمهور، وبدلاً
من أن تكون وسيلة إيجابية للتفاعل الوطني؛ تحولت لخط دفاع عن الحكومة، لا تعني
المواطن المحبط الذي يتطلع لمزيد من الفهم الحقيقي للملفات التي تلامس استقراره
ووجوده وآماله، وهي تلك المتعلقة بالفقر، والبطالة، وسيادة القانون، والشفافية،
ومكافحة الفساد، والمساواة، والحريات وحقوق الانسان.
الحصول على المعلومة في الأردن لا تتم
بإسلوب قانوني، ولا بمبادرة من الحكومة، وإنَّما بمبادرات شخصية من بعض الذين
يطلّعون على المعلومة بحكم وظائفهم، وهم بذلك يتلذذون في تسريب المعلومات
لاعتبارات اجتماعية ومتطلبات الزهو أمام الجمهور، ويجب الإعتراف بأن الحصول على
المعلومة في الإدارة الأردنية واقع مرتبك، وعشوائي، ويخضع غالباً للمزاج الشخصي؛
دون أدنى اعتبار للمسؤولية الوطنية في إعطاء، أو حجب المعلومة من جهة، أو المساءلة
عن الأحجام، أو التفريط من جهة أخرى.
الحقيقة المرّة التي يتوجب الاعتراف
بها أن النخب الوطنية الرسمية، والشعبية في معظمها نخب مزورة، ومفتعلة، ومنفعلة،
ومتقلبة؛ لا تفرق بين النقد، والذم، وتخلط بين الوطنية، والمواطنة، ولا تلقي بالاً
للفرق بين العشيرة كمنظمة اجتماعية محترمة تسهم في حفظ الأمل الوطني في الملمات، وبين
العشيرة كمنظمة سياسية، وكمجموعة ضغط للاستقواء على الدولة، وحماية بعض الفاسدين
تحت مبررات سمعة العشيرة، وهذه النخب لا يمكن أن تنتصر لحق الحصول على المعلومة
إلا في إطار النفعية المقيتة، أو إلغاء الآخر في ظل انهيار منظومة القيم السامية
مع استثناءات قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
محاولة الرئيس لردم الهوة في العلاقة
بين النخب اليائسة والبائسة، والحالمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، ومشعل الأمل
الوحيد يكمن في إيمانه بضرورة انتصار الحرية، والديمقراطية، وسيادة القانون، وأن
المال العام، والثقة العامة هي خطوط حمراء لا يجوز الاقتراب منها، وأن المعلومة هي
حق للمواطن في حدود القانون، ولكن التكنوقراط بقضهم وقضيضهم لا يصنعون علامة فارقة
تميز الحكومة _ اي حكومة_ عن غيرها من الحكومات السابقة، ولا يصنعون نصراً؛ لأنهم
لا يملكون ترف المواجهة مع الجمهور الغاضب، ولا يستطيعون قول الحقيقة، حتى وإن
علموا بها، حكومة مضر بدران، والمصري، والكباريتي كانت من أكثر الحكومات شفافية،
ووضوحاً في الفهم العام لأنها حكومات سياسية بامتياز.
أظن من أهم عوامل قلق الرئيس أن
العامين المتبقيين من عمر البرلمان غير كافية لتنفيذ برنامج واقعي لعمل الحكومة يجري
اختباره بأدوات قياس واضحة، ولأنه رجل مسكون بالتروي والأناة؛ خلافاً للمزاج العام
للأردنيين المسكون بالعجلة، والانفعال، والأحكام السريعة؛ فإن المرحلة القادمة
ستبقى تشهد المزيد من عوامل الشدِّ والجذب، وستبقى الحقيقة غائبة ولو جزئياً عن
أذهان الناس.