بقلم: علي قاسم*
يا اهلنا في اردن الالام والاهات
والدمع الغزير.. قفوا فوق التلال وعلى رؤوس الهضاب.. وانيروا المشاعل.. واشعلوا
اكوام الحطب.. وانثروا اوراق الزيتون.. وزيدوا
من نيران الفحم تحت دلايات القهوة المرة....
ويا نساء الاردن النشميات.. لوحوا بمناديلكم والعصبات السود.. فنحن اليوم
قد اطلقنا كل زغاليل الوطن.. هؤلاء الذين طاروا مع الريح التي اصابها الجنون..
فهاجت الوديان صخبا.. وطافت سفينة نوح الاردني فوق عباب البحر الذي مات منذ ان
ولدت الحياة.. فتصافح الموت بالموت.. وارتطمت الصخور باجساد البلابل والزغاليل..
وتلونت مياه السماء بحمرة الطين وصفرة التراب.. رمزا للحداد واي حداد.. فاكثروا من
اللهب .. لان طيورنا الصغار قد فقدوا معالم الدرب الى الله.. فبين هدير السيل
الجارف.. وقوقعة الصخور المتلاطمة.. وتعدد الألوان التي خلطت السماء بالارض.. زعقت
الغربان.. وارتجفت اضلع الوديان.. فطفل هنا يغيب ببطء انفاسه.. وذاك اخر يغوص بين الموجه والموجه.. وهناك
اخرون يمسكون باطراف ثوب معلمتهم الصبية.. فتحتضنهم بحبها الابدي.. ويحلقان معا في
سمفونية الابد.. ورقصة البجع المكسر الاضلاع ومبعثر الريش ومحطم السيقان ومدقوق
العنق.. فهل هكذا يا الله تموت الحساسين.. وتحتضر البلابل.. تنوح الحمام؟ايها
الاردنيون الثكالى.. قليلا اجهشوا بالبكاء.. فالاطفال قد نامو.. جياعا .. عطشىرغم
كثرة الماء.. انهم يرقدون في بطن الموت وهم يرتعدون بردا.. فلا اغطيه ولا حرامات
ولا بطانيات تلف اجسادهم الغضه.. فاغسلوهم بالدموع الساخنة علها تدفئهم من صقيع
السيل ولجة بحر قد شبع موتا منذ ملايين السنين.. يا ربع الفزعات في ايام الفزع..
يا نشامى الاردن الميامين.. اخفضوا الاصوات.. واطفئوا الشموع والمشاعل.. فقد اشعل
صغارنا والصبايا القناديل وقاموا.. فرفقا ايها الموتى بنا.. فقد قتلتم كل فرح
فينا.. واخذتم كل حلم.. واطفاتم كل امل.. افهكذا ترحلون ؟اني لاكاد اسمع من اقصى
شمال الكون.. نحيب البجع وانين الجليد الذي ازداد تجلدا بحرقة الفراق.. فوالله يا
اردننا الغالي.. ان وجعك يملاء الكون.. ونحيبك يدوي في ارجاء السماوات التي تكدرت
واعلنت لبس السواد والحداد.. فبكت مطرا رذاذا.. واحتجب الضوء.. واختبات الشمس خلف
الغيوم.. حياء واسى.. ولا ادري ان كانت الملائكة قد هللت وفرحت وهي تستقبل رفاقها
من ملائكه الارض والبشر.. فيا ايها الراحلون الصغار.. انتم احباء الله.. فعودا
اليه رويدا رويدا.. ولتتقدمكم معلماتكم بالطابور.. فالله يحب التنظيم.. وسلام
عليكم ايتها العصافير.. يوم ولدتم.. ويوم رحلتكم.. ويوم تبعثون وتعودون.. .
* مغترب اردني في السويد