إعداد: فادي محمد الدحدوح
أصبحت القيادة قضيه هامة على رأس أجندة العمل في كافة الميادين، محور
دراسة مراكز الأبحاث وصناعة السياسات، وأصبح ينظر إلى كبار رجال المؤسسات على إنهم
قادة كبار يقفون جنباً إلى جنب في مصاف كبار القادة العسكريين وكبار الزعماء السياسيين
كما أخذت أسماء العديد من أساتذة الجامعات والأكاديميين المتخصصين في القيادة تلمع
وتصبح معروفة.
إن أصعب ما يواجه المنظمات في مواجهة رياح التغيير السريع في منطقتنا
العربية أن تعيد هذه المنظمات تنظيم نفسها من الداخل والإدارات المرتبطة بها،
بطريقة تجعل كل فرد ينتمي لها يشعر بقيمته ومكانته وقدرته على تحقيق الإبداع
والتميز والمشاركة بمهاراته وحماسه في تحقيق أهداف المنظمة وأولوياتها.
إن أساليب القيادة الإدارية التقليدية، وإن نجحت بالأمس واليوم، فأكاد
أجزم أنها لن تستطيع مجابهة المستقبل القريب جداً، فكيف بالحديث عن المستقبل
البعيد، والتخطيط الاستراتيجي على كافة الأصعدة للأفراد والمنظمات والمجتمعات
العربية بشكل كامل..؟!
المستقبل يزداد تغيراً وتعقيداً والأزمات تتوالى.. أصبحت أكثر تعقيداً
وأكثر دقة. وأن الاستعداد لإيجاد أساليب حديثة لبناء قادة مستقبل يمتلكون مهارات
كافية للتعامل مع الأمور بحكمة ودراية يحتم علينا أن نفكر بطرق جديدة نطوّر من
خلالها منظومة مهارات قيادية جديدة وأدوات إدارية جديدة تساعدنا في أن يبدع قادة
المستقبل في أعمالهم القيادية.
إن من أهم ما يجب التفكير به جدياً هو وضع استراتيجية شاملة على كافة
المراحل بدءً من الأسرة وحتى نهاية المنظمات، والتركيز على وضع برامج تدريبية
متكاملة لإعداد وتأهيل وتنمية خبرات ومهارات قادة المستقبل تتضمن هذه البرنامج
الدورات التدريبية المتخصصة في فنون الإدارة والقيادة. على أن يتم التركيز على أن
التدريب القيادي المبني على الأداء يجب أن يوازي التدريب المبني على القدرات.
والتركيز على الموضوعات والمواد التدريبية التي تنمي مهارات وخبرات
القيادة لدى المتدربين يجب أن تتمحور حول عاملين أساسيين، هما إكساب قائد المستقبل
العلوم والمعارف العامة والخاصة التخصصية اللازمة، وكذلك تنمية مهاراته لأداء
العمليات الفنية المختلفة.
إن تنمية المهارات القيادية لدى الأفراد أمر لا يمكن تحقيقه إلا من
خلال منظومة عمل متكاملة الخطط وواضحة الأهداف، أهمها تحقيق الجودة العلمية،
وإتاحة فرص التعليم المناسبة التي تفرز مخرجات تعليمية عالية المستوى، مع تفعيل
المدرسة نوعاً من الشراكة المجتمعية كأحد الأهداف التي وجدت من أجله.
وأخيراً يمكنني القول إن قضية القيادة في أمتنا ومجتمعاتنا قضية مهمة وأساسية،
وتلعب دوراً كبيراً في توجيه المؤسسات والأفراد نحو التميز والإبداع، وعلى الأمة جميعها
أن تحاول النهوض بها والوقوف وراءها، وفي ظل مشكلة الافتقار للقيادات البديلة المؤهلة
حين الحاجة إليها بالمنظمات والمؤسسات والمشاريع والجماعات، والذي أدى بدوره إلى ضعف
في الأداء، وعـدم القابليّة للاستمرار، وتراجع العطاء، والاكتفاء بنتائج الحد الأدنى
من الانجاز، ولربما الفشل في تنفيذ الخطط والبرامج المختلفة.
ولعل المؤسسات العربية العامة والخاصة بمختلف اهتماماتها ومسؤولياتها تعاني
من هذا الأمر؛ وهو غياب البديل القيادي المناسب للكثير من المواقع وعلى مختلف مستويات
العمل، لذا عليها أن تَجّد في هذا الأمر وأن تعمل على إعداد القادة وصناعتهم بغرس المعاني
النبيلة وحث الشباب على تحمل المسؤولية وأخذ الدور المطلوب منهم، فإعداد القادة وتأهيل
البديل القيادي المناسب وصناعتهم على عين ومتابعتهم من أهم الأمور التي قد تجنبنا الكثير
الكثير من الخسائر والصعوبات إذا ما انتبه لها وأعطي الأمر اهتماما.
إن الحديث المتكرر الدائم عن إعداد قادة المستقبل وحده لا يكفي، بل يجب
أن يكون ذلك ركناً أساسياً في بناء الخطة الاستراتيجية العامة، لأن هذا الأمر - أي
إعداد القادة- أمر ضروري ملّح نلمس غيابه ونشهد بخطورة توسعه وانتشاره، لذا فإن من
أهم ما يجب أن تضعه المؤسسات العربية في حساباتها هو إيجاد الرجل التالي الذي يكون
قادرا ومستعدا لأداء المهمة وحمل الأمانة، وهذا هو ضمان الاستمرارية وتواصل الأجيال
وتعاقبها على نفس الوتيرة والنهج والخطى وهو من أهم عوامل النجاح في المؤسسات.