بقلم: أ.د. علاء الدين الحلحولي
لقد اثار مؤخراً مقال الاستاذ صالح
عبدالكريم عربيّات معقول ولا جامعة، التساؤلات و الاستغراب من موقف الجامعات
الاردنية و دورها المنشود في قيادة الأجيال و تطويرها بحثيّا و علميّاً و عمليّا
بما يضمن صناعات وطنيّة بسيطة و لو عود كبريت. لقد كان لكلمات المقال الأثر في نفس
كل باحث حريص على الوطن ليسأل نفسه نعم ولما لا؟ لماذا لا نستطيع تحويل افكارنا
الى منتجات او تخريج طلاب ريادييّن و اصحاب أفكار يمكن ان يعكسوا افكارهم الى
شركات صغيرة فمتوسطة وغيرها. أبناؤنا
يتميزوا في الخارج (عند الغرب) و يتقلدوا مناصب و يقودوا مجموعات بحثيّة
ولهم والحمد لله الأثر الطيب أينما وجدوا. فهم اكفياء، متميزون، روّاد تغيير،
طيبون ومثابرون. وفّرت لهم هذه الدول العيش الكريم و المختبرات الحديثة و مدارس
للأولاد مجّانيّة و شبكة مواصلات رائعة وسهولة في الحصول على المعلومة والمواد و
الأجهزة. رواتب مجزية و دعم مالي للمشاريع كبير ومتوفّر بتنافسيّة شريفة. تواصل
مباشر مع الشركات العالمية والمتوسطة والصغيرة. لا جهد في متابعة شراء مواد واجهزة
التجارب من خلال البيوقراطية المقيتة و الانتظار أشهر للحصول على المطلوب لإتمام
تجارب بسيطة. و بالرغم من كل هذه التسهيلات والحياة الهنيئة هنالك العديد من الزملاء
المتميزين تنازل عن كل شيء و فضّل العودة الى الوطن مفعما بالحياة والأمل ليعطي و
يبني يدا بيد لِغَد افضل.
بعد العودة، يغرق هذا الانسان الموهوب بما لم
يحسب حسابه ولا يحمد عقباه، مدارس الأولاد و اسعارها اللامعقولة، التدريس و الحمل
فوق العادي، قلّة المصادر البحثيّة، متطلبات الترقية والتثبيت، قلّة الدعم المالي
للابحاث، قلّة برامج الدراسات العليا التطبيقيّة، عدم اكتراث الصناعة بالتعاون
الحقيقي والشراكة مع الجامعات وغيرها.
و كدكتور في الجامعة، فلا بد له من التركيز على
الرسالة الاولى وهي تدريس الطلبة و تهيأتهم للمستقبل. وقد اثبتت جامعاتنا قدرتها
العظيمة في تخريج أفواج متميّزة بَنَت وتبني دول العالم. انتشر أبناؤنا في كل مكان
واثبتوا جدارتهم العالية و قدرتهم غير العاديّة على التكيّف مع الظروف و تخطيها و
النجاح. تستقبلهم الدول فتتبناهم و تترجم علمهم الى عمل و صناعة. فلنكن صادقين مع
أنفسنا، هل البحث العلمي كان يوماً أولويّة وطنيّة لا متطلّبا لا بدّ منه. حتى
صندوق البحث العلمي- متنفس الباحثين- تم كسر استقلاليّته ليصبح دائرة في وزارة
التعليم العالي. بالملخّص، ازيد على كلام الاستاذ صالح بأن من واجبنا الوقوف صفّا
واحداً لننتج ولو منتجات بسيطة نرضي به أنفسنا و ندعم الاقتصاد لعلّ البحث العلمي
يصبح أولويّة وطنيّة ومطلب عام.
أمّا على صعيد الجامعات، فهي مثقلة
بالديون و الكوادر الإداريّة المكتظّة و قلّة الإمكانيات. نفتخر بجامعاتنا لأنِها
في خضمّ الأحداث المتقلبّة و شحّ الموارد ما زالت تنافس وتستقطب الطلبة. فاليوم
يشهد الشرق الأوسط تطوّراً كبيراً في مستوى الجامعات و مراكز الأبحاث ونحن نبحث
لنا عن موطئ قَدَم فيما بينهم ولكن هل من مهتمّ؟
اقترح ان نراجع أنفسنا ونقرّر ماذا
نريد، جامعات تعليميّة ام تعليميّة و بحثيّة؟ كوادر مؤهلة مستقلّة ام مقيّدة؟
ادارات جامعيّة ام قيادات؟
وبهذه المناسبة اتقدّم بالشكر الجزيل
الى جميع الزملاء الذين يبذلون أقصى ما عندهم ليخرّجوا اجيالاً متعلّمة قادرة على
الإسهام و بكفاءة ببناء الوطن والعالم..
*الجامعة الالمانية الاردنيّة