بقلم: الدكتورة سهى عميرة
من منا يستطيع أن يعيش بعيدًا عن
التكنولوجيا في هذه الأيام ولو لفتراتٍ بسيطة , بلا شك أنَّ الإجابة تنحصر بلا أحد
ويعودُ ذلك لما حققه من تطور هائل دخل في جميعِ مجالات حياتنا العامة والخاصة ،
لينقلنا من حالٍ إلى آخر فنصنف على آثاره على أننا مدمني التكنولوجيا ، الأمر الذي
يؤثر سلبًا علينا من الناحية الجسدية والعقلية والنفسية وهي الأخطر بنظري لما لها
من أثر.
حيث ينحصر الضرر الجسدي في محاكاةِ الخيال , وقد
يؤدي إلى تغيير بالشعور بالذات و الهوية الإنسانية فتبدأ أجزاء الدماغ التي تتحكم
بمثل هذه الوظائف في تغيير شكلها و حجمها ، ويتبع ذلك أضرار بصرية من مثل القصر أو
الطول أو الانحرافات لبصرية ، كما وتُؤثر على
الأعصاب الحسية المتمركزة في رؤوس أصابع اليدين وتضعفها بشكل مستمر برغم
عدم الشعور بذلك ؛ فتموت مع الزمن وتفقد وظائفها .
أما من الناحية العقلية، فإنها تؤثر بشك واضح على
القدرة على التفكير المجرد , وهذا يعود للإفراط في التحفيز الفوري للمعلومات للوصول
إلى سرعة الرد على الطرف الآخر , مما يشتت التفكير ويضعف القدرة على معالجة الكثير
من الأمور بشكل تدريجي وواضح.
أما أخطرُ هذه الأضرار ما يتعلق بالحالة النفسية
ويعود ذلك لما تحدثه متداولات التكنولوجيا من اضطرابات شعورية متتالية وسريعة وغير
منتهية فنجدُ أنفسنا نفرح بخبرٍ فيرتفع درجات السعادة عن حدها المعتاد لأضعافٍ مضاعفه
وربما يحدث - ويحدث في بعض الأحيان - أن
يُصدم المتلقي بخبرٍ يليه محزن للغاية لا يفصل بينهما نصف دقيقة - على الأغلب -
فيتحول شعور الفرح مباشرة إلى حزنٍ وهمٍ و ألمْ، فتضطرب وتتصادم مشاعر الفرح
والحزن أيستجيب الدماغ للفرح أم للحزن ؟ مما يُعرضه إلى العطب وإن لم يحصل ذلك -
ولله الحمد - ومع مرور الزمن نكتشف أننا مصابون بما هو أخطر من ذلك ألا وهي
البلادة الحسية فلم تَعُد تُؤثر بنا
المؤثرات التي كانت تفرحنا أو تبكينا . وهذا ما يُطلق عليه " موت الأحياء
" من الناحية الحسية .
كل ما سبق لا يعني بأن التكنولوجيا سلبية بحته
ففيها من المحفزات العقلية الشيء لكثير حيث تسمح للدماغ بمعالجة المعلومات البصرية
بسرعة كبيره , من خلال القدرة على ترجمة الرموز البصرية و معالجتها بشكل فوري ،
كما تحفز التفكير وسرعة البديهة للاستجابة للخبر وتوقع الآخر . وكل ما نحتاجه هو
ضبط وتحديد مجالات استخدامها بحيث نصل
للفائدة بعيدًا عن الضرر والإدمان .