بقلم: ماجد عبد العزيز غانم
لفت انتباهي قبل أيام خبرا في إحدى الصحف
المحلية يفيد بضبط الجهات المسؤولة لخط انتاج سجائر يعمل بشكل غير قانوني داخل أحد
مصانع المياه في العاصمة ، وكان هذا الخبر
مدعاة لي للعودة والتساؤل حول بسطات وأكشاك بل ومحلات السجائر التي تملأ شوارع
مدننا الأردنية وخاصة العاصمة عمان فهذه البسطات والمحلات تحتوي على العشرات من
ماركات السجائر العالمية وبنفس الوقت تحتوي على
ماركات لأسماء سجائر لم نراها ولم نسمع بها طيلة حياتنا .
كنت كلما مررت أمام هذه البسطات والمحلات أحاور
نفسي وأقول هل هذه السجائر مهربة كما يدعي ويشيع
البعض ! وللأسف كان هذا الإدعاء
يقنعني ويكفيني قبل سنين الحرب والدمار من
حولنا إلا أنني الآن أتساءل من يستطيع التهريب وحدودنا الشمالية والشرقية والتي
كانت مصدرا رئيسيا للتهريب لا يستطيع حتى العصفور تخطيها حاليا في ظل الحروب
الدائرة من حولنا وفي ظل التشديد العسكري على هذه الحدود ! إلا إذا كان المهرب ذو
سلطة ونفوذ على مستوى عال !!
نعم الأمر
اختلف لدي حاليا ففي ظل ما سبق أعود وأقول وبثقة بأن هذه السجائر غير مهربة وأن
هناك مصدر آخر لها ، الآن بت مقتنع وأجزم أنها مصنعة محليا والأسباب متعددة لثقتي بقناعتي هذه ، فعدا عن
التشديد العسكري والأمني على الحدود ، هناك أسبابا أخرى أكثر وجاهة تجعل إيماني وقناعتي تترسخ كما قلت بأن هذه
المنتجات باتت تصنع محليا وبشكل غير قانوني ولصالح فئة متنفذة بل وربما أعلى من
السلطة في بلدنا ، نعم فتهريب خط إنتاج لها
ولمرة واحدة اقل كلفة وخطورة على هذه الفئة من التهريب المستمر للسجائر ،
هذا إن استمر هذا التهريب ! وما هذا الكم
الهائل من منتجاتهم التي تملأ شوارع العاصمة بلا حسب أو رقيب إلا دليل على ما أقول
، أيضا الأسعار الزهيدة لهذه السجائر
مقارنة بالمنتج المحلي المرخص قانونيا ، عداك عن رداءة التصنيع والإنتاج ، وهذا الأمر بالذات يقودنا إلى أمر آخر مرتبط
به قد يغفل عنه البعض ألا وهو الرفع
الصارخ والمتكرر لأسعار السجائر المحلية المرخصة قانونيا في آخر عامين ، مقارنة
بالأسعار الزهيدة لهذه السجائر ، فالنسبة الأكبر من المدخنين في الأردن وفي ظل
تآكل الرواتب وتضاعف الأسعار مؤخرا لا تتعامل ولا تستهلك إلا من هذه السجائر الزهيدة الثمن والرديئة
التصنيع والإنتاج كما قلنا سابقا ، والتي لا نعلم حتى ما هي المواد الأولية التي
تدخل في إنتاجها وتصنيعها وكيف ومن أين تحضر هذه المواد ، والتي هي بالتأكيد لا
تضاهي جودة المُنتج المحلي المرخص رغم علمي بأن المُنتَجين ضارين بصحة المواطن لكن
هناك ضررا أقل من ضرر ، .لذلك فانا أعتقد بأن هذا الرفع المبرمج والمتكرر للمُنتج
المرخص لا يصب إلا في صالح هذا المُنتج غير القانوني لهذه الفئة المتنفذة والتي لم
يستطع أحد حتى ألآن الاقتراب منها أو فتح
ملفاتها وهذا الأمر بحد ذاته مثير للريبة .
رغم ثقتي بما أسلفت حول هذا الموضوع إلا أنني لم
أكتف بقناعاتي وأسبابي السالف ذكرها لا بل عمدت لشراء بعض من هذه السجائر عدة مرات
ومن أكثر من محل وبسطة في العاصمة عمان وكنت دائما اردد وبخبث على مسمع البائع كيف
تدخل هذه السجائر للأردن ؟ وكان الجواب الذي أسمعه ممن يبيعونها دائما وهل تصدق أنها مهربة ؟ لا إنها صناعة سحاب أو
ناعور أو مادبا نعم هذه كانت إجاباتهم !
هنا ارجع لبداية حديثي فإذا كان قد تم الإعلان عن
ضبط مصنع واحد للسجائر غير المرخصة فكم من المصانع ما زالت تعمل وتضخ هذا الكم
الهائل من إنتاجها في أسواقنا ! وكم من الأموال التي يجنيها أصحابها دون أن تدخل
في حسابات دائرة الضرائب التي لم تبق منتجا في الأردن إلا وجعلته عصيا وصعب المنال
على جيب المواطن الأردني .
هذا الملف مطروح أمام حكومة الرزاز والتي يأمل
بها المواطن خيرا ، فهل تستطيع هذه الحكومة
نبش عش الدبابير هذا وفتح ملفاته ؟
أم سيبقى هذا الملف عصيا عليها وفوق السلطة !!
[email protected]