ماهر ابو طير
تعلن عواصم عربية، حالة الطوارئ، بعد تعيين جون بولتون مستشارا للامن القومي، للرئيس الاميركي، وتحديدا، بشأن مواقفه ازاء القضية الفلسطينية، ورفضه حل الدولتين.
بولتون ذاته له وصفات حل خطيرة ازاء المنطقة، فهو اضافة الى كونه من تيار الصقور الذين يؤمنون بالحرب، وقد اقترح سابقا توجيه ضربة كبرى لايران، الا انه ايضا لا يؤمن بحل الدولتين، وهو مع توزيع اثقال الملف الفلسطيني السكانية، والسياسية، والامنية، على اكثر من دولة عربية.
لكن الغريب في العرب، انهم اعلنوا حالة الطوارئ، ويشعرون بتوتر شديد، بعد هذا التعيين، وكأن ما قبله كان افضل، والكل يتناسى ان الحقيقة الاهم، تتعلق بطبيعة الادارة الاميركية الحالية، سواء من حيث برامج وسياسات ترمب، او طبيعة بقية المستشارين في البيت الابيض، او الخارجية، او المخابرات الاميركية، والواضح ان كل الادارة الاميركية الان، باتت دون معارضات في وجه ترمب، بعد ان تمكن تدريجيا، من اجراء تغييرات، تتطابق مع رؤيته ازاء اغلب القضايا.
اسرائيل التي احتفت بتعيين بولتون، احتفت بطريقة تقول ان اصدقاء اسرائيل يتزايدون واحدا تلو الاخر، في الادارة الاميركية، هذا على الرغم من ان الادارات الاميركية السابقة، لم تعاد اسرائيل، وكل ما فعلته، انها حاولت تلوين مواقفها، حتى لا يغضب الشرق الاوسط، وعوضت اسرائيل سياسيا وماليا، عن اتجاهات كثيرة، تبنتها تلك الادارات، لكن لا يمكن وصف الادارات السابقة، بكونها معادية لاسرائيل، وكل ما يمكن قوله اليوم، ان الادارة الحالية، هي الاكثر ولاء لاسرائيل، من حيث العلنية، مقارنة بغيرها من ادارات.
كل ما سنراه غدا، له مؤشرات رأيناها البارحة.هذه قاعدة اساسية. وهذا يعني ان ادارة الجمهوريين، بكل هذه التركيبة الصعبة جدا، ستأخذ المنطقة الى ظروف في غاية الصعوبة، خصوصا، ان من هم على صلة بالشأن الاميركي يؤكدون ان الرئيس الحالي، لا يقبل الاختلاف معه، ولا يقبل اي شروحات بشأن استحالة بعض القضايا والاجراءات، وليس ادل على ذلك، من قيامه بالاعتراف علنا، بالقدس عاصمة لاسرائيل، ومصادقته على قرار الكونغرس القديم، بشأن القدس، وعزمه نقل السفارة الاميركية الى القدس، في ذكرى النكبة الفلسطينية، غير آبه بردود فعل الحكومات العربية والاسلامية، وحتى الشعوب، في هذه المنطقة.
بعد تغيير مدير المخابرات المركزية الاميركية، ووزير الخارجية، وتعيين بولتون مستشارا لترمب، يمكن ان نتوقع عامين ليسا سهلين ابدا، العام الجاري، والعام المقبل، واذا كان الرئيس امام وقت محدود، وسيناريوهات حساسة، بشأن المواجهات مع الصين، كوريا الشمالية، الملف الفلسطيني، ايران، وقبيل ان يذهب الى انتخابات جديدة، يريد ان ينجح بها، فان علينا ان نتوقع ميله برغم كل هذا الجنوح في ادارته، الى جدولة بعض القضايا، ومواجهة قضايا اخرى مباشرة، ودون تأجيل.
على الاغلب فان الملف الفلسطيني وملف ايران، لن يـتأخرا كثيرا، باعتبار ان كلفتهما قد تكون اقل على ادارته من كلف ملفي الصين وكوريا الشمالية، وعلى الاغلب فان الشعب الفلسطيني سيحمل فاتورة الملف الايراني، بشكل أو باخر، وهذا امر محسوم، لا شك فيه حتى الان، بعد ان باتت المقايضة علنية، نضع حدا لايران، وتغمضون عيونكم عن كل القضية الفلسطينية.
هذا يقول اننا امام تطورات خطيرة سنراها خلال الفترة المقبلة، بعد ان تحولت كل الادارة، الى ادارة من نوع واحد، لا تقبل اي تعدد في الاراء، من جانب المؤسسات الاميركية، التي قد تحذر من التدهور في بعض الملفات، باستثناء الكونغرس الذي قد يجد فيه الرئيس وادارته، ممانعات بشكل أو بآخر.
يبقى السؤال حول العالم العربي، الذي لم يستيقظ لمغزى تعيين بولتون، الا بعد تعيينه، برغم ان كل ما سبق تعيينه، كان يحمل نفس الرسالة، اي رسالة الحرب، والمواجهات؟!.
عن الدستور