بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
انتهت وبشق الأنفس وبعد ولادة قيصرية كانت متعسرة الإجراءات المتبعة لتعيين الرؤساء وتعبة الشواغر للجامعات الثلاث، حيث حسمت بالتنسيب من قبل مجلس التعليم العالي بتعيين ثلاثا من الزملاء لرئاسة تلك الجامعات ولا نملك إلا أن نبارك لهم ثقة مجلس التعليم العالي ونقول لهم أعانكم الله على حمل الأمانة ووفقكم لما فيه خدمة ورفعة جامعاتنا الوطنية الغالية.
إن إجراءات إقالة الرؤساء السابقين وما تبعه من إعلان عن الشواغر وتقديم الطلبات من قبل المرشحين ومن ثم ما أعقبة من طلب لجنة الاختيار وبعد شهر من التقديم لتعبئة النموذج الخاص والمعد من قبلها ومن ثم شهرين من الاجراءات وما اعقبها من مقابلات سرية خوفا من أن يتعرف المرشحين ضمن القائمة المصغرة على بعضهم وخوفا من تسريب المعلومة للرأي العام وأخيرا التنسيب من قبل اللجنة بما رأته مناسبا واتخاذ مجلس التعليم العالي قراره بالتنسيب بالأسماء، كل هذا اشغل الوسط الاكاديمي لمدة تزيد عن أربعة شهور.
إن ما يلفت النظر في الإجراءات المتبعة لإشغال المواقع القيادية العليا في التعليم العالي أن تطبيق شروط التقدم لهذا الموقع او ذاك يختلف من فترة إلى أخرى ،وتتفاوت المعايير من لجنة إلى لجنة أخرى، فقد لاحظنا أن شروط التقدم لرئاسة بعض الجامعات لا يشترط فيها ان يكون المتقدم قد عمل نائبا للرئيس وللأسف أثناء التطبيق وضمن القائمة المختصرة لاحظنا استبعاد كل من لم يشغل هذا الموقع، ولشغل موقع قيادي اخر في التعليم العالي تجد أن الشروط تلزم أن يكون المتقدم قد عمل عميدا لكلية أو عميدا للبحث العلمي ولكن أثناء التطبيق تم استثناء كل من لم يشغل موقع عميد البحث العلمي من المنافسة.
من يتابع الإجراءات التي اتبعتها لجنة اختيار رؤساء للجامعات الثلاث أخيرا في اختيار القائمة المصغرة سيلاحظ أنها كانت تركز على معامل التأثير والمشاريع الدولية والفوز بالجوائز العلمية الوطنية او العالمية بغض النظر عن الخبرات العملية وسواء عمل المتقدم نائبا للرئيس او عميدا للكلية أو لم يعمل وهو ما يؤكد أن لا معيار ثابت وأن البوصلة تتجه إلى المجهول.
ان اشغال الوسط الاكاديمي بإجراءات الاقالة ومن ثم إجراءات الترشح ومن ثم الترقب للمقابلات والتنسيب بالتعيين يستغرق من أربعه إلى خمسة شهور،وفي النهاية المصلحة الوطنية هي التي تسود والقرار يأتي منسجما معها، وقد أصبح واضحا للعيان أن لا داعي لتجميع السيرة الذاتية لكل متقدم من الأكاديميين في ظل التلميح مرارا وتكرارا لإمكانية الاستقطاب.
نحن جميعا مع المصلحة الوطنية ونقول "سمعا وطاعة"، وما دامت المصلحة الوطنية فوق الجميع فلماذا كل هذه الاجراءات المتبعة ولماذا يتم اشغال الوسط الأكاديمي في إجراءات الترشح والتعيين مع الأخذ بعيين الاعتبار بأن التشريعات الأخيرة تطلب اجراء التقييم السنوي لأداء رؤساء الجامعات، مما يعني أننا اصبحنا مشغولين وطوال العام بموقع الرئيس وما يتبعه من مواقع قيادية أخرى ينسب بها وينفذها مجلس الأمناء.
إن المتابع بعين الناقد يرى أنه أصبح ضروريا جدا بل والأفضل العودة للإجراءات المتبعة سابقا في استقطاب الكفاءات القيادية للجامعات وضمن المصلحة الوطنية العليا علما بأن هذه الاجراءات كلها كانت لا تتجاوز أسبوعا واحدا،فالجامعات في غياب رؤسائها تعتبر جامعات تسيير للأعمال الرئيسية والضرورية وجميع القرارات المهمة والمصيرية للجامعة وللعملية الأكاديمية تتوقف إلى حين البت في موضوع من يكون الرئيس.
حمى الله هذا البلد الطاهر ومليكه وشعبه واحة للعلم ومرتعا للأمن والأمان وهيأ له من أهله من يحرصون على رفعته وتطوره وصون أمنه.