نشر بتاريخ :
29/04/2025
توقيت عمان - القدس
12:21:47 PM
في ظل حرب
الإبادة الجماعية المستمرة التي يشنها كيان الاحتلال على قطاع غزة منذ أكثر من عام
ونصف، تتفاقم معاناة أعداد متزايدة من مبتوري الأطراف، غالبيتهم من الأطفال والنساء،
وذلك في ظل نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات الضرورية لتصنيع الأطراف الصناعية
نتيجة للحصار الخانق المفروض على القطاع.
داخل مركز
الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، ينتظر رائد أبو الكاس دوره لتلقي العلاج
الطبيعي والتأهيل الجسدي اللازم لاستخدام طرفه الصناعي، بعد أن بترت قدمه جراء قصف
نفذه الاحتلال أثناء قيامه بعمله في تشغيل آبار المياه.
تعكس قصة أبو
الكاس عمق المأساة الإنسانية التي خلفتها حرب الاحتلال، حيث فقد قدمه اليمنى
واستشهد اثنان من زملائه. وفي محاولة يائسة لإسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقت
طائرات الاحتلال الجيران وأبناءه، ما أسفر عن استشهاد أحد أبنائه وإصابة الآخر
بجروح بالغة أدت لاحقاً إلى بتر قدمه.
يستعيد أبو
الكاس تلك اللحظات الأليمة بصوت مخنوق: "كنت أخدم الناس بتشغيل محابس المياه،
وظننت أن عملي سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزل،
فبُترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وأصيب محمود بإصابة غيرت حياته إلى
الأبد"، كما أفاد لوكالة الأناضول.
أما محمود،
الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً، فيروي بحزن: "كنت ألعب الكرة
يومياً، وكان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمر حلمي وبتر
قدمي". ويضيف: "الآن أجلس على كرسي متحرك وأتمنى فقط تركيب طرف صناعي
متطور يساعدني على الوقوف مرة أخرى لأعين والدي".
خضع رائد
ومحمود لعدة عمليات جراحية في مستشفى المعمداني وسط ظروف طبية قاسية ونقص حاد في
الإمكانيات، وتم تركيب أطراف صناعية لهما في مركز الأطراف، إلا أن نقص المعدات
والكوادر الفنية يعيق عمل المركز.
يقضي الأب
والابن ساعات يومياً في مركز الأطراف للتدرب على استخدام أطرافهما الصناعية وتلقي
جلسات التأهيل، ويحدوهما أمل واحد: السفر للعلاج وتركيب أطراف صناعية متطورة
تمكنهما من استعادة جزء من حياتهما.
يقول رائد
وعيناه تملؤهما الحسرة وهو ينظر إلى ابنه محمود: "لم يتبق لي إلا محمود
وزوجتي التي تتحمل عبء رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافاً خفيفة نستطيع بها مساعدة
بعضنا البعض والعيش بكرامة".
ويقاطعه محمود
قائلاً: "أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجدداً وأعود للعب الكرة مع أصدقائي...
الاحتلال دمر أحلامي، لكنه لم يدمر إيماني بأننا سنعود إلى الحياة".
يشهد قطاع غزة
ارتفاعاً مروعاً في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة للإبادة التي يرتكبها
الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، وسط نقص كارثي في المستلزمات الطبية والأدوات
اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول
الإمدادات الأساسية.
سُجلت حتى
الآن 4700 حالة بتر بسبب العدوان المتواصل في جميع محافظات القطاع، 48% منها
لسيدات و20% لأطفال، ما يزيد الأوضاع الإنسانية سوءاً.
يُذكر أن كيان
الاحتلال صعّد من جرائمه في الثاني من مارس الماضي بقراره إغلاق جميع المعابر
المؤدية إلى القطاع ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل
كامل.
يواصل كيان
الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، مخلفاً
أكثر من 170 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى ما يزيد
على 11 ألف مفقود.
الحقيقة
الدولية - وكالات