القسم : مقالات مختاره
معايير الدعم الجديدة ليست عادلة
نشر بتاريخ : 11/28/2017 7:33:27 PM
احمد حمد الحسبان

احمد حمد الحسبان

تعتقد الحكومة انها نجحت في نقل حالة الجدل حول رفع الدعم او إعادة توزيعه من حالة الرفض الكامل الى مناقشة آلياته... وفي ذلك جزء من الحقيقة، ذلك ان الأمور عادة ما تكون محكومة بمخرجات النقاش، التي أراها تخلص الى ان معايير خطاب الموازنة الذي قدمه وزير المالية امام مجلس النواب ليست عادلة وانها تلحق الضرر بالكثير من الشرائح المجتمعية. 

بداية، يسجل على الحكومة تراجعها عن « تسريبات» سابقة، تحدثت عن دخل مجموعه» 24 الف دينار فما دون» لمن يستحق الدعم، وربطت بذلك بين حدود التكليف الضريبي والحصول على الدعم، وكان ربطا فيه الكثير من المنطق، فمن يحصل على دخل يكفي للدخول ضمن نطاق التكليف الضريبي يمكن ان يصنف ضمن اطار» المكتفين ماديا» او» الميسورين» الذين قد لا يكونون من مستحقي الدعم. 

لكنها تدرجت نزولا في عمليات» التسريب» وصولا الى الإعلان بان من يستحقون الدعم هم أصحاب الدخول التي لا تزيد عن الف دينار، مع علمها الأكيد بان مبلغ الف دينار هو مبلغ مجرد أولا، وانه قد لا يكفي لنفقات الكثير من الاسر.

في ذات السياق، بدا ان الحكومة وضعت هذا المعيار دون الاخذ بمعيار عدد افراد الاسرة، فالالف دينار يمكن ان تكون كافية لاسرة صغيرة، لكنها ليست كافية لاسرة عدد افرادها كبيرا، ولا لاسرة فيها طلبة على مقاعد الدراسة الجامعية، او من ذوي الاحتياجات الخاصة او الحالات الاستثنائية. 

كما انها ـ الحكومة ـ لا تستطيع الدخول في عمليات البحث والاستقصاء عن ظروف عشرات الالاف من الاسر تحت هذا العنوان في حال انها قررت النظر في الحالات وفتح باب الاعتراض لاصحابها، فمثل هذا البحث يحتاج الى إجراءات معقدة وطويلة، ولنا في إجراءات « المعونة الوطنية» ما يدفعنا الى القناعة بان مثل تلك المعاملات ما يحتاج الى سنة كاملة او اكثر قبل البت بها، وقناعة أخرى بان المواطن قد لا يكون قادرا على السير في معاملات كهذه ولا الخضوع الى روتين قاتل خاصة وان العملية تتعلق برغيف الخبز، وان الحكومة تحدثت عن سلاسة في إجراءات إيصال الدعم لمستحقيه.

البعد الاخر في الاشتراطات تتمثل بان لا يمتلك الفرد سيارتين، او منزلا قيمته 300 الف دينار، ويبدو هنا ان الحكومة وقعت في الخلط بين العناصر، وانها كمن تبحث عن مبررات لحرمان المواطن من الدعم. 

فوجود سيارتين لدى الاسرة لا يمكن ان يكون مؤشرا على انها مكتفية ماديا، ذلك ان غالبية الاسر تكون قد لجأت الى البنوك من اجل الاستدانة لشراء سيارة او اكثر، ليس لغايات ترفيه بل لحاجة ماسة، تتعلق بغياب وسائل النقل المنظمة ولكون الزوجين عاملين، ولتفاصيل كثيرة قد لا يكون المجال متاحا لاستعراضها، وبالتالي فإن الحكومة تبدو كمن يعاقب المواطن مرة بتخفيض حد الاستحقاق على الدعم، وثانية بانه» مديون» بسبب شراء سيارة أخرى لزوجته العاملة او لتغطية متطلبات الاسرة. 

ومثل ذلك ما يتعلق بقيمة المنزل، حيث افترضت الحكومة ان المتزل عنوان اكتفاء، وليس عنوان» مأوى» كما هو الحال بالنسبة للكثيرين، وبغض النظر عنه اذا كان مرهونا لبنك او اكثر، وكيفية الحصول عليه، او اذا كان مؤجرا او لأغراض السكن فقط، وفي الوقت نفسه تناست ان المنازل والعقارات ارتفعت قيمتها الاسمية وتضاعفت اثمان الشقق كثيرا مع انها في الحقيقة ليست للبيع، ولا علاقة لها بزيادة الدخل. 

باختصار، فقد فتحت الحكومة ابوابا كثيرة من خلال قرارها المتعلق بمسالة الدعم ..لا اعتقد ان من مصلحتها فتحها، فكلها تصب في خانة تشكك بسلامة الاجراء من أساسه، وتدعوها الى التراجع عن إجراءاتها وتستمر في دعم الخبز الى ان توفق في إيجاد صيغة عادلة تحفظ كرامة المواطن. 
Ahmad.h.alhusban@gmail.com
عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023