صناعة الأردن: الدعم الملكي يدفع بقطاع المحيكات نحو المزيد من الاستثمارات مباراة حاسمة للمنتخب الأولمبي أمام أندونيسيا بكأس آسيا غدا أبو السعود يحصد الميدالية الذهبية في الجولة الرابعة ببطولة كأس العالم أبو السمن يعلن انطلاق العمل بمشروع تحسين وإعادة تأهيل طريق الحزام الدائري الصفدي لـ CNN: نتنياهو "أكثر المستفيدين" من التصعيد الأخير في الشرق الأوسط يوفنتوس يتحرك لتدمير مخطط روما يجوّع ابنه الرضيع حتى الموت لتعزيز الصحة الروحية مايكروسوفت تطلق أوفيس 2024 للشركات بإصدار تجريبي لسبب غريب.. مزارع يقتل 3000 خروف بالرصاص عدة زلازل تهز تركيا.. عالم جيولوجي يتوقع المزيد والإعلام يرفض "الترويع" طعام خارق يسيطر على ارتفاع ضغط الدم أسعار الذهب في الأردن تسجل مستوى قياسيا جديدا وعيار 21 عند 48.6 دينار للغرام السعايدة يلتقي مسؤولين بقطاع الطاقة في الإمارات شركات أردنية تشارك بمعرض سعودي فود للتصنيع الاثنين المقبل سلطة إقليم البترا تطلق برنامج حوافز وتخفض تذاكر الدخول

القسم : بوابة الحقيقة
ثقافة الذل والهوان
نشر بتاريخ : 8/23/2017 2:30:43 PM
ماجد عبد العزيز غانم



بقلم: ماجد عبد العزيز غانم

عاشت وما زالت تعيش أمتنا العربية والإسلامية في هذا القرن أسوأ مراحلها عبر التاريخ ، فقد أصبحت مطية   لكل أمم العالم تصنع  بها ما تشاء ، فمن استعمار إلى احتلال لمقدساتها ،  إلى نهب لثرواتها واستعداء لبعضها   على بعضها الآخر، إلى تفكيك حتى المفكك من بلدانها ، وما زلنا نفكر ونحلل ونبحث عن الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الواقع المزري ، حتما الأسباب كثيرة ولا تخفى على كل ذي عقل ، ولكني سوف أتطرق هنا إلى جانب مهم كان وما زال يشكل عنصرا وعاملا فاعلا لما وصلنا إليه من بؤس وشقاء وهوان ، وللأسف ما زال يشكل جزءا من ثقافتنا .

في مجتمعاتنا العربية ما زلنا نتمسك بالكثير من الأقوال والحكم والأمثال الشعبية التي نعتبرها قواعد ومبادئ تسير حياتنا بناء عليها  ، رغم أنني أصر أن غالبية إن لم يكن كل من قالوها  لم يكونوا يوما من الأيام حكماء أو أدباء ولا حتى سادة في قومهم  ، فمعانيها لا تدل إلا أن من قالها لا يعدو كونه جبانا رعديدا أسس لمراحل طويلة  بعده  من التخلف والانحطاط الأخلاقي والفكري والحضاري .

كما ذكرت سابقا تحولت هذه الأمثال والحكم الشعبية إلى قواعد  وأسلوب حياة لدى الكثير من أفراد المجتمع ، يطبقونها يوميا بل ويربون أولادهم على احترامها والتمسك بها ، وإن وجد من يشذ عن هذه القواعد فلا يجد أفراد المجتمع المحيط به ما يقابلونه به إلا أسوأ هذه الأمثال ( أنت عامل حالك ....... )  ، والذي اعتذر عن إكماله  لبذاءة ألفاظه وسوقيتها ، بل ويتحول كل من يحيط به إلى ناصح أمين  بحجة خوفه عليه وعلى مصلحته  ومستقبله .

في هذا المقام يحضرني الكثير الكثير  من هذه الأمثال والأقوال ، وبقدر ما امقتها إلا أنني مضطر للإشارة إلى بعض من أسوأ ما قيل في هذا الباب ، فلعل الناشئة من هذا الجيل يلفظونها من حياتهم ، ومنها ( حط رأسك بين الرؤوس وقول يا قطاع الرؤوس  )  ( الموت مع الجماعة رحمة  )  ( إبن الوزير وزير وابن الحراث حراث ) ( الكف ما بيلاطم المخرز ) ( اللي بيتطلع لفوق بتنكسر رقبته  )  ( اذا اثنين قالوا لك رأسك مش الك حسس عليه )   ونأتي لفاجعة هذه الأمثال ألا وهو  ((  إذا إلك حاجة عند الكلب قولو يا سيدي أو بوسو  من ثمو  )) .

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،  لكنهم ربما صدقوا نعم صدقوا عندما وصفوا الكلب بالسيد في هذا الزمان ، فما داموا يقرون هذه الأمثال والأقوال سيبقى الكلب سيدهم .

أعود للقول أن هذه الأمثال ما هي إلا سبب من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى وصولنا إلى أدنى درجة من الانحطاط بين الأمم والحضارات القائمة في زمننا الحاضر ، فهي راسخة في عقول الآباء والأمهات وهؤلاء يعملون على توريثها لأبنائهم ، ولكن ألا يدل هذا على نقص الوعي الديني لديهم ، فبنظرة  تأمل بسيطة إلى الكثير من هذه الأمثال تجدها تخالف ما جاء به ديننا الإسلامي ، بل وما جاءت به كل الأديان السماوية ، فأنا لم أجد آية واحدة ولا حديثا نبويا واحدا يدعو أو يدعم ويعزز ما جاء في هذه الأمثال والأقوال ، التي أسست وما زالت تؤسس لحالة دائمة من الذل والمهانة والعبودية وكبت حرية الفكر والتعبير وقمع كل رأي مخالف للأنظمة ، والتبعية ولو على حساب المبادئ الأساسية للإنسان ، بل وفيها الكثير من التمجيد لجلادي هذه الأمة وظُلامها ،عدا عن الرضا وتقبل  الظلم والظالم كواقع معلوم بدلا من التطلع إلى قادم مجهول كما يُروج له حاليا في أوطاننا  ، وما يتبع ذلك من قتل للطموح والتفاؤل والأمل في نفوس أفراد المجتمع  .

الواقع سيء ولا ينبئ إلا بقادم أسوأ إن بقيت هذه الأقوال والأمثال قواعد وأسس لحياتنا ، ولكن مع ذلك لا بد من نافذة  للتفاؤل  ، التفاؤل بجيل جديد ينبذ هذه الثقافة البالية ، جيل يرفض التبعية  لهذا الإرث الانهزامي الذي أثقل كاهله بنكبات وهزائم تحتاج عقودا بل قرونا ربما لتجاوزها والعودة بالأمة إلى يوم كانت فيه قائدة لأمم وحضارات العالم أجمع  ، يوما كانت فيه مشعلا للتنوير والتحضر والمدنية  في كافة المجالات ، هذه الأمة التي كانت حضارات العالم تنهل من معين علومها وثقافتها ، هذه الأمة التي كان العالم كله يحسب حسابا لها بدلا من بقائها مطية لكل أمم العالم الحديث .
 
حسبي الله ونعم الوكيل  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 
 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023