البنك المركزي يطرح سندات خزينة بقيمة 100 مليون دينار بلجيكا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الأمم المتحدة مقتل 1000 شخص جراء انزلاق أرضي في السودان ابتلع قرية بأكملها ليفربول يضم المهاجم السويدي إيساك من نيوكاسل الحكومة ترفع سعر الطحين الموحد .. هل ستتأثر أسعار الخبز؟ الأمن يتعامل مع بلاغ عن حقيبة ملقاة قرب دوار صويلح محللان سياسيان يحذران : خطورة تصنيف الإسلام السياسي على أساس (شيعي – سني) - فيديو حملة لإزالة التعديات وتنظيم الوسط التجاري في جرش "أجمل نساء العالم".. والد ماسك يعرب عن إعجابه بجمال النساء الروسيات العيسوي يرعى عرض الفيلم الوثائقي "معان حيث أشرقت شمس المملكة" الخرابشة : مستقبل الأردن واعد بقطاع التعدين وهناك توجّه لتوقيع 5 اتفاقيات هل تعيد حكومة حسان العمل بالتوقيت الشتوي ؟ إنتر ميلان يضم لاعب مانشستر سيتي في اليوم الأخير من الميركاتو بوتين: روسيا وإيران على تواصل دائم بشأن برنامج طهران النووي بيسكوف يوضح سبب اجتماع بوتين ومودي في سيارة "أوروس" الرئاسية الروسية
القسم : بوابة الحقيقة
هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟
نشر بتاريخ : 8/14/2025 7:07:43 PM
د. عامر بني عامر

 

د. عامر بني عامر

 

لا يمكن إنكار أن الحياة الحزبية في الأردن تمر بأكثر مراحلها سيولة منذ عقود. دمج هنا، تفكك هناك، أحزاب تختفي وأخرى تسعى لإعادة صياغة نفسها بانتظار قوانين قد تُعدّل قريبًا، على أمل أن تمنحها فرصة جديدة. لكن جوهر السؤال لم يعد حقًا عن يسار أو يمين أو وسط، بل عن مدى قدرة أي حزب على البقاء في هذا المشهد المتغير.

 

القوة اليوم لا تُقاس بالانتماء الأيديولوجي، بل بالقدرة على قراءة اللحظة السياسية. الدولة المركزية أصبحت نهجًا وحاجة في ظل التحديات الداخلية والإقليمية، وتوجهات الناس تغيّرت بشكل عميق؛ فلم تعد الشعارات أو الهويات الحزبية التقليدية كافية لجذبهم أو تحريكهم، سواء كان الحزب مواليًا أم معارضًا.

 

لقد رأينا كيف تم حظر أقدم الجماعات السياسية وفقًا للقانون، وأكبر النقابات المهنية انتهت دستورياً، ولم يكن حجم ردود الفعل على قدر ما كان يتوقعه البعض. الرسالة واضحة: الحزب الذي لا يغيّر آلياته وأفكاره وأساليبه سيغيب عن المشهد، بصرف النظر عن خلفيته أو تاريخه.

 

التجربة العالمية تبرهن على ذلك. الأحزاب التقليدية في العديد من الدول تتراجع أمام حركات اجتماعية رقمية، ومبادرات عابرة للحدود، وحملات تبدأ من هاتف ذكي وتنتهي بتغيير سياسات. وفي الأردن، ما لم تتجاوز الأحزاب الدمج الشكلي إلى برامج واقعية، وتنفتح على الناس بصدق، وتضع حلولًا لأولوياتهم، فإنها ستظل تدور في فراغ.

 

وربما لا تملك الأحزاب اليوم دورًا مباشرًا كبيرًا على الصعيد الاقتصادي، لكن أمامها مساحة واسعة في الطرح الفكري والثقافي والاجتماعي. يمكنها أن تقود حوارًا جادًا حول الهوية السياسية، وأن تبني أطرًا اجتماعية وثقافية جديدة تعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأن تستثمر في التحالفات المدنية والمهنية، وأن تحوّل المنصات الرقمية إلى أدوات فاعلة للتأثير والتواصل.

 

لكن قبل ذلك، على الأحزاب أن تتحرر من دور المتلقي ورد الفعل. مجرد بيانات الاستنكار أو المؤازرة بعد وقوع الحدث، والوقفات الاحتجاجية كرد فعل على قرار، لا تصنع حزبًا مؤثرًا. الفعل السياسي يبدأ بالمبادرة: بمقترح مدروس، أو فكرة قابلة للتطبيق، أو موقف استباقي يصنع الرأي العام بدل أن يلاحقه.

 

الخلاصة أن الأحزاب السياسية في الأردن ضرورة، لا لكونها زينة للمشهد الديمقراطي، بل لأنها أحد شروط نضج الحياة السياسية واستدامة الإصلاح. لكن هذه الضرورة مشروطة بأن تتحول الأحزاب من كيانات ساكنة إلى أدوات حقيقية للفعل، قادرة على صناعة المستقبل بدل الاكتفاء بالتعليق عليه. في غير ذلك، ستظل لافتات تنتظر أول عاصفة لتسقط.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025