القسم : بوابة الحقيقة
مطالبة العناني بالكونفدرالية تتماهى مع صفقة القرن
نشر بتاريخ : 7/31/2024 2:38:22 PM
د هايل ودعان الدعجة


بقلم: د. هايل ودعان الدعجة

 

قد يكون من المستغرب من شخصية تقلدت مناصب متقدمة وهامة في الدولة ، ان تطرح افكارا حول قضايا وملفات محسومة اردنيا ومرفوضة وغير قابلة للنقاش ، كما هو الحال بما جاء في مقال الدكتور جواد العناني رئيس الديوان الملكي ونائب رئيس الوزراء والوزير الاسبق ، الذي طالب فيه بكونفدرالية بين الاردن وفلسطين ، والذي يفترض انه وبحكم مساره المناصبي بصورة موقف الاردن الرافض وبقوة لهذا الطرح الذي يتهدد امنه واستقراره وهويته الوطنيه ، ويسعى لاستدراجه ليكون طرفا في ترتيبات حل القضية الفلسطينية على حسابه وتحويل الصراع من كونه صراعا فلسطينيا اسرائيليا الى صراع اردني فلسطيني ، بتكليفه بالدور الامني والحدودي ونقل الهاجس الديمغرافي اليه . وهو الطرح الذي يتقاطع مع مصالح الكيان الاسرائيلي ويخدم مشروعه التوسعي الاستعماري على حساب المشروع الوطني الفلسطيني وحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة . اضافة الى تقاطع طلب العناني مع صفقة القرن التي طرحها الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب الذي يسعى من خلالها الى ضرب المشروع الوطني الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية وشطبها ، عندما قام باتخاذ اجراءات تصب في تحقيق هذا الهدف ، حيث اعلن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، وبنقل سفارة بلاده اليها وحاول شطب ملف اللاجئين الفلسطينيين والغاء حق العودة وتصفية الاونروا ووقف المساعدات المالية الاميركية عنها . رافق ذلك دعمه لاقرار قانون يهودية اسرائيل العنصري ، وتكثيف الاستيطان وعمليات التهويد وتدشين مخطط القدس الكبرى لتوسيع حدودها ، وضم اراضي الضفة الغربية الى السيادة الاسرائيلية ، مما يمكن ادراجه تحت مسمى صفقة القرن ايضا . الامر الذي ينطبق على الحديث عن موضوع الكونفدرالية الذي اثاره العناني ، والذي يندرج في هذا السياق ، بوصفه احد ادوات الصفقة ومخرجاتها التي تستهدف انهاء ملف القضية الفلسطينية على حساب الاردن ، الذي يرفض هذا الطرح بشدة ، ويرى انه لا بديل عن حل الدولتين ، واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ، وعاصمتها القدس  .

وهو الموقف الاردني الثابت والراسخ الذي أكد عليه جلالة الملك في احدى لقاءاته  بالمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى ، معتبرا ان الكونفدرالية خط احمر بالنسبة الى الاردن ، حيث تساءل مستهجنا ومستغربا هذا الطرح .. كونفدرالية مع مين ؟ . خاصة وان الكونفدرالية لا يمكن لها ان تتم الا بين دول مستقلة وذات سيادة . الامر الذي لا يتوفر في الحالة الفلسطينية، التي يراد التعامل معها على حساب امن الاردن وهويته ومصالحه من خلال تغيير وضعه الديمغرافي والجغرافي ، واقحامه وتوريطه بادوار وظيفية امنية ومدنية ، لتكريس صيغة الخيار الاردني او التوطين او الوطن البديل ، الذي سيصب في صالح الكيان الاسرائيلي ومن بوابة حل القضية الفلسطينية على حساب الاردن ، عبر نقل الرعاية الامنية على الضفة الغربية دون القدس له .

دون ان نغفل ان المطالبة بالكونفدرالية الان ، تمثل طعنة للمقاومة الفلسطينية التي امكنها احداث تحولا مفصليا في معادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والدفع به الى الواجهة العالمية على خلفية احداث غزة . وما تبع ذلك من تظاهرات احتجاجية مليونية عالمية ضد المجازر والابادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي ، رافقها تغير مواقف العديد من دول العالم من هذا الصراع لصالح الفلسطينيين ومطالبتها بحقوقهم المشروعة في تقرير المصير واقامة دولتهم المستقلة على اساس حل الدولتين ، ودعم عضوية فلسطين في الامم المتحدة ، واعتراف بعض دول العالم بها . في اشارة الى التحول الكبير الذي طرأ على نظرة العالم وموقفه من القضية الفلسطينية بصورة عززت من دعمه وتعاطفه مع الفلسطينيين وتأكيده على حقوقهم العادلة والمشروعة .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023