وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاثنين 29 -4 – 2024 وزير الخارجية الأميركي يزور السعودية يوم الاثنين فولودين: واشنطن تضحّي بالآخرين للحفاظ على القطب الواحد نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور ضبط كمية ضخمة من "الكوكايين" لدى مسافرة أجنبية في مطار القاهرة باريس سان جرمان يحسم لقب الدوري وعينه على ثلاثية تاريخية لأول مرة منذ 2011 .. وزير الخارجية البحريني يزور دمشق البيت الأبيض: الرصيف العائم قبالة غزة سيكون جاهزا خلال أسبوعين أو ثلاثة حماس : "لا قضايا كبيرة" في ملاحظات الحركة على مقترح الهدنة أوكرانيا: الوضع يتدهور والجيش الروسي يحقق "نجاحات تكتيكية" المشاقبة : التجربة الحزبية في المجلس القادم قد تكون ضعيفة لغياب الايدولوجية والبرامجية - فيديو ابو زيد : 4 كتائب لدى المقاومة في غزة لم تشتبك منذ بداية الحرب ستواجه الاحتلال - فيديو إعصار مدمر يضرب الصين ويخلف قتلى وإصابات

القسم : بوابة الحقيقة
زهريت
نشر بتاريخ : 10/8/2022 10:00:39 AM
د. حفظي حافظ اشتيه

كلمة نحتها الأديب الفنان "رمزي الغزوي" من زهر وزيت، وجعلها عنوانا لمجموعة قصص في كتاب، تحكي قصة قرية أردنية عربية، يحلّق الخيال فيها عاليا ليسقط على الواقع، وتمتزج آلام وخيبات الحاضر بآمال وأمنيات العودة إلى الماضي الجميل، حيث النفوس الأبيّة على الضيم، المحصّنة بالأمانة، النقيّة من كل سوء.

خمسون زهرة ندية ضاع أريجها بين دفتي كتاب صغير الحجم، عظيم الشأن، لأنه يستعيد حكاية مجد وطن.

نقطف منها زهرتين اثنتين تمثلان أنفة أهل هذه الأرض، ورفعة أمانتهم، وعفّة نفوسهم، وسموّ أخلاقهم.

- إنهم إخوان "نارا" :

" لستب" طاغية متجبر، تفرعن في آواخر الحكم العثماني، وتفجّر طغيانه على "زهريت" وما جاورها من قرى، يستعبد الرجال للعمل غصبا في إقطاعيته، ويسخّرهم عنوة لخدمته دون أجر، ويستبيح نساءهم لشهوته.

" ومن الذين كدحوا تحت سطوته صبية لبؤة، اسمها نارا، ذات العشرين قهرا، النزقة كجذوة بركان، البيضاء كشقّ اللفت، لها جديلتان كحنشين أسودين جمعتهما لحظة حب."

لفتت الفاتنة أنظار لستب، وأهاجت مشاعره، لكنّها استعصت عليه، وأشغلته يختلس النظر إليها متخففة برفع ثوبها بزنّارها لتنشط في عملها، حتى إذا لمحته مقتربا منها أسرعت بإسدال الثوب. وتكرر ذلك، إلى أن تسلل يوما مقتربا منها دون أن تراه، وحال لمحته أسدلت ثوبها، والشرر يتقادح في وهج عينيها.

 فسألها: " لماذا تسدلين ثوبك حينما أمرّ بك؟ لماذا لا تخجلين إلّا مني؟ "

رفعت رأسها بعزّة وكبرياء، وضحكت مرعدة بإشعال ثورة، وصاحت على مسامع كلّ الرجال المطحونين برحى الذلّ والاستعباد قائلة: " لأنك الرجل الوحيد في المكان " !!!

يا لهول الجملة التي صعقت قلوب الرجال، وزلزلت كيانهم، وأشعلت الحميّة في جوانحهم !!! فجمحت نفوسهم، وتطايرت فؤوسهم لتندك في صدر لستب وصدور معاونيه، وتستعيد الكرامة السليبة، وتزرع الأرض من جديد عزّة ومجدا وعنفوانا.

وخلدت نارا في قلوب الأجيال، وكلّما عنّ غضب من موقف مذلّة ومهانة، صاح الرجال : نحن إخوان نارا .

- زهريت مكب الزيت :

زهور برية رقيقة تفجّرت بواكير ربيعها في تشرين قبل أوانها، وسبقت كلّ أقرانها، تنبت في صفحة صخرة ملساء صماء، تلفت الأنظار، وتستثير الأسئلة الحائرة، ولا يُفهم سرّها، ويُدرك كنهها إلّا باستحضار حكايتها :

تجمّع زيت زيتون زهريت في بئر القرية المشترك، وانتظر الجميع بلهفة قوافل التجار، فزيتهم نسغ حياتهم، وسنامة رأس مالهم.... وبعد طول انتظار تناهى إلى مسامعهم مرور القافلة، فتنادوا نحو الطريق الوحيدة المهجورة يلهثون للّحاق بالقافلة، وغمرتهم الفرحة بتمام البيعة، وعادوا محمّلين بالآمال العذبة.

عند عودتهم، تفقّدوا بئرهم بعد نفاد الزيت، فصعقهم منظر جرذ كبير نافق في قاع البئر، فارتدوا على أعقابهم، والحسرة تكاد تقتلهم، يلاحقون القافلة، ويصيحون من بعيد بالتجار : كبّوا الزيت، كبّوا الزيت. شعر التجار بالصدمة أول الأمر، وعندما فهموا السبب، استردوا أموالهم والحزن يلفّهم، وسكبوا الزيت شلالا ذهبيا ينساب على الصخرة، ويحكي بإجلال عبر الزمان قصة الأمانة التي لا يحملها إلّا عِظام الرجال، الذين عادوا مجلّلين بالعوز والعزّة معا.

ومنذ تلك الحادثة ظلّت تلك الصخرة منبتا لزهور نديّة عطريّة تشرينية، تستحضر الربيع وتفجّره في عزّ الخريف، وتبعث السلام مع النسائم إلى كل نفس أبيّة شريفة أمينة عفيفة، وترسم خطوطا ذهبية مختصر سطورها يقول:

بإباء الضيم، وحفظ الأمانة، تُبنى الأوطان.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023