القسم : بوابة الحقيقة
الأحزاب والتنشئة السياسية
نشر بتاريخ : 10/28/2020 4:10:04 PM
الدكتور عثمان الطاهات

بقلم: الدكتور عثمان الطاهات

 

يضطلع الحزب السياسي بدور مزدوج في عملية التنشئة من خلال دعم الثقافة السياسية السائدة وخلق ثقافة سياسية جديدة.

 

تلعب الأحزاب السياسية دورا هاما في دعم الثقافة السائدة ويترتب على التعزيز الثقافي أما عرقلة اداء النظام السياسي لوظائفه، أما تسهيل أدائه لهذه الوظائف .

 

ففي دول العالم الثالث التي تعاني من التعددية الاجتماعية ربما يؤدي الأخذ بنظام التعدد الحزبي الى تعزيز الثقافات الفرعية ومن ثم الابقاء على الثقافة السياسية المجزأة مع ما ينطوي ذلك عليه من اضعاف أداء النظام السياسي ولهذا راحت غالبية هذه الدول تأخذ بنظام الحزب الواحد بدعوى ان هذا النظام أداة فاعلة لغرس قيم سياسية عامة على أن التجربة العملية أظهرت مدى قصور أداء الأحزاب سواء في هذا المجال أو في غيره من المجالات .

 

وفي الولايات المتحدة الامريكية يقطع كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري الخطوط الطبقية والإقليمية والعنصرية ويعتمدان على رموز سياسية عامة كالدستور والرئاسة .. الخ ولهذا يقال بإن الأحزاب الامريكية تسهم في دعم تجانس الثقافة السياسية بما يزيد من قدرة النظام السياسي على أداء وظائفه .

 

أما في مجال خلق ثقافة جديدة يبرز دور الحزب في التغيير الثقافي في الدول الشيوعية السابقة  بصفة خاصة وبعض بلدان العالم الثالث بعامة ففي هذه الدول أسندت الى الحزب مسؤولية خاصة في خلق الانسان الجديد .

 

بهذا الصدد يتوقف دور الحزب على عدة اعتبارات أهمها الأيديولوجية والكارزما والبنيان التنظيمي اما الأيديولوجية فلا شك في ضرورتها اذا كان للحزب ان يحدث التغيير الثقافي المنشود ولا تصلح اي أيديولوجية بهذا الشأن وإنما لا بد وأن تكون أيديولوجية غير محافظة .

 

كذلك فإن ارتباط الحزب بقيادة كارزمية " تاريخية " يخلع عليه نوعا من الشرعية الامر الذي يمكن أن يزيد من فاعليته في مجال إعادة التنشئة السياسية والتحديث باسمه غير ان الشرعية التي يستمدها الحزب من الكارزما مؤقتة اذ يمكن ان تتقوض بعد خروج الزعيم من السلطة أو بعد وفاته، ولهذا فلكي يظل الحزب حائزا لقبول الأفراد وقادرا على مواصلة دوره في مجال التغيير الثقافي ينبغي ان يكون اداؤه ككل على درجة عالية من الفاعلية.

 

كذلك تتأثر المقدرة التربوية للحزب بطبيعة بنيانه، فكلما امتدت تشكيلاته الى مختلف انحاء البلاد، وكلما كانت كوادره ملتزمة أيديولوجيا وحريصة على التفاعل المستمر مع الجماهير كان اكثر مقدرة على تغيير القيم والاتجاهات السياسية والعكس صحيح .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023