كلية التمريض في جامعة جرش تحتفل بأداء قسم المهنة لطلبتها المتوقع تخرجهم تدريبات "النشامى" دون إنارة في مسقط قبل المواجهة الحاسمة أمام عٌمان رونالدو يوجه رسالة تهنئة لنجوم بلاده مندوبا عن الملك وولي العهد...العيسوي يعزي آل خزنة كاتبي الف مبروك لـ احمد ابو الهيجاء ومحمد ابو خارف ولي العهد لخريجي الكلية الجوية: بكم ستزهو سماء الأردن الغالي القضاة ينفي حضوره غداء الاوقاف بمكة الذي انسحبت منه البعثة الاعلامية مجهول يضع حفاضة طفل على رأس رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في مقهى الحملة الأردنية و"الخيرية الهاشمية" توزعان وجبات في محافظات غزة انتهاء المحادثات الروسية الأوكرانية في إسطنبول إذاعة "يوم القيامة" تخرج إلى الأثير برسائل غامضة! منحة للموظفين السوريين بقيمة 500 ألف ليرة بمناسبة عيد الأضحى الملك يتقبل أوراق اعتماد عدد من السفراء في قصر بسمان الزاهر ولي العهد يرعى حفل تخريج دورة مرشحي الطيران/54 في كلية الملك الحسين الجوية تقرير: 72% من اللاجئين السوريين في الأردن لا ينوون العودة حاليا

القسم : بوابة الحقيقة
حركة البشر وأثرها في نقل الوباء
نشر بتاريخ : 6/7/2020 1:31:20 PM
د. منصور محمد الهزايمة


بقيت حركة انتقال البشر عبر العالم حتى ما قبل كورونا عظمية الشأن، حيث كان هناك ملايين من الناس تتحرك في ظل عوامل كثيرة، ومتنوعة، وتحت ظروف شتى؛ جاذبة أو طاردة، وشكلت هذه الحركة ما يقارب (3.5%) من مجموع سكان العالم، وقُدّرت بحوالي (272) مليون إنسان (2019) حسب منظمة الهجرة الدولية، وفجأة توقفت الحركة، وانغلق العالم تماما بعد تفشي الفيروس، حيث أُغلقت معظم منافذ العبور في معظم الدول.

أخذت الحركة من مكان لأخر طابعين؛ أحدهما سلمي، والأخر عمدي، أو قهري، تمثل ذلك بحركة فئات أو مجاميع بشرية كحركة التجار والحجاج والجنود والرعاة والعمال والمهاجرين، ويحمل هؤلاء معهم عاداتهم، وقيمهم، وأساليب حياتهم، والأدهى أنهم قد يحملون معهم -أيضا- أمراضهم، ومسبباتها الكامنة أو الآمنة إلى حين في أجسامهم.

نشأت حركة الانتقال لأسباب سلمية، مثل حركة (التجار والعمال والحجاج)، وحركة عمدية عدوانية مثل حركة (الجنود) في الحروب الاستعمارية، وحركة قهرية التي تمثلت في أبشع ظاهرة عرفتها الإنسانية وهي نقل (العبيد) للعمل في المستعمرات الجديدة في العالم الجديد.

هؤلاء المهاجرون دون الالتفات إلى أسبابهم في الهجرة، قد يُهدون العديد من الأمراض إلى الشعوب والمجتمعات التي يصلونها، بالمقابل فقد يحظون بأمراض قائمة في البيئة الجديدة، بسبب الاختلاط بين المحليين والوافدين، وبما يكمن في فروق المناعة بينهم.

لذلك نشأ نوع من العلم سُمي بعلم الوباء، وهو فرع من علوم الأمراض المعدية، اهتم بحركة نوعين من الكائنات؛ غير محسوسة وهي ناقلات المرض (البكتيريا والفيروسات والاوليات)، وكائنات منظورة وهم البشر، ضحايا النوع الأول، كذلك اهتم بالعوائل الوسيطة لنقل العدوى بين النوعين مثل الفئران والبعوض والبراغيث.

في العصور الغابرة شكلت سبعة من الأمراض تحديا للبشرية، وحصدت الملايين من الأرواح، وتمثلت في الطاعون، الجدري، الانفلونزا، الحصبة، الكوليرا، الملاريا، التيفوس، واستمرت تحضر وتغيب على شكل نوبات، لمدة ستة قرون، كان أخطرها على الاطلاق الطاعون، واليوم ظهرت أوبئة جديدة مثل ايبولا، وانفلونزا الطيور، وانفلونزا الخنازير، وسارس، وكورونا وغيرها، وهذه كلها فيروسية العدوى.

 تسببت حركة التجار من موانئ البحر الأسود إلى موانئ إيطاليا، ثم إلى إنجلترا، ومنها إلى مصر، في انتشار الطاعون على شكل نوبات، استمرت عبر ستة قرون (بين القرنين 13-19)، مما نتج عنه تناقص عدد السكان بشكل خطير، خاصة في مصر، كما انتقلت الكوليرا من الهند إلى إنجلترا عبر طرق التجارة، فقتلت (25) مليونا في الهند و(130) ألفا في إنجلترا.

كما أن حركة الرعاة غير المدّجنة تسببت في انتشار الأمراض عبر مناطق واسعة، حيث انتشرت أمراض مثل الملاريا في شرق افريقيا بين دول متجاورة مثل الصومال واثيوبيا وكينيا واوغندا في أجسام الرعاة وأجسام مواشيهم.
لكنّ حركة الجنود العمدية أو العدوانية القائمة على دوافع استعمارية قد أدت بدورها إلى انتشار أمراض مثل الجدري، بسبب عدم مناعة المحليين ضدها، كما في غزو واكتشاف الأوروبيين للأميركتين، مما أدى إلى إبادة أو انقراض شعوب بأكملها.

 تمثلت الحركة القهرية بأبشع ظاهرة عرفها تاريخ البشر، وهي تجارة العبيد، فقد تم نقل الملايين منهم كقوى عاملة في الزراعة، مما نقل الملاريا والحمى الصفراء إلى سكان تلك المناطق في أمريكا، وهكذا فإن البشر لا ينتقلون وحدهم، بل تنتقل معهم -أحيانا- وفي رواحلهم أمراضهم ومسبباتها، ووسائطها الكامنة في أجسامهم، ويُذكر أنه تم نقل (30) مليون عامل من غرب افريقيا إلى الأمريكيتين بين القرن (17) والقرن (19)، مما جعل أمراض القارة السمراء ترحل بعيدا إلى دول ومناطق الأمريكيتين.

بعد تفشي فيروس كورونا بهذا الحجم الخطير، وانتشار الرعب عالميا، أضحت صحة الناس شأنا عاما، يقتضي التدخل المباشر من السلطات في كل دولة، بما يترتب عليه من اتخاذ قرارات تفرض نمطا خاصا من الحياة على الناس، لا يُهتم بقبولها أو عدمه أمام المصلحة العامة، وربما يتعزز هذا الاتجاه بعد انتهاء جائحة كورونا بما ينعكس مباشرة على حركة البشر في التنقل، بحيث تخضع هذه الحركة لمزيد من الإجراءات والتدقيق، خاصة عمّا يحمله المسافر من مسببات المرض والعدوى، فهل تصبح الرفاهية والاريحية في السفر من ذكريات الزمن الجميل؟!.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023