القسم : بوابة الحقيقة
الهدف موقعي
نشر بتاريخ : 12/8/2019 2:54:38 PM
المهندس بسام أبو النصر

بقلم: المهندس بسام أبو النصر

                                                                                                                                                                   هذه ليست مقطعا من قصيدة ولا عنوان اغنية  ،  ولكنها جملة خرجت في اللحظات الحاسمة من فم  الملازم اول  الشهيد  " خضر شكري يعقوب " عندما داهمت موقعه قوات العدو الصهيوني في معركة الكرامة  فطلب من المدفعية الملكية والتي كان مسجلا موقعه لديها كما جرت عليه العادة في الحروب  ليقصف الموقع  بمن فيه قبل ان يتحول خضر وجنوده الى اسرى بيد العدو ،  "الهدف موقعي"  لم تكن خطة عسكرية لدبابة يقودها خضر ولكنها قيمة حب الاستشهاد وحب الارض والتشبث بالقيم الاصيلة وهي ما دفعت خضر  ان يستشهد بايدي زملاءه بعيدا عن ايدي المحتل المعتدي ، انه درس في الشجاعة والكرامة على ارض الكرامة لجندي اردني  رضع من حليب  المواطنة في مؤسسة الوطن التي  ما تغيرت عقيدتها  حتى في احلك الظروف واقساها  ،  وكان هذا الجيل الذي  ضحى بحياته   في سبيل ان يبقى وطننا  بعلو همة ابناءه ،  كان درسا في  الانفة التي  لا تقبل المهادنة ولا المزاودة ولم يخطر في بالهم  الصيت والجاه  ،  وقضى خضر  وجنوده  وغابوا  باجسادهم وبقي شيئا من  روحهم  تحرس الارض وتبقي على ما تبقى من مروءة  ازعم انها تغيب او يتم تغييبها   ،  نفتقد هذا الجيل  الذي يسترخص الحياة ويعشق الموت ليحيا الوطن ، يموت  لاجل  ان يتعلم جيل لاحق ويأخذ بزمام المبادرة  لاجل  الوطن المعتقل هناك  بأيد فاجرة  ومحتلة  وهي من  تسلب  الارض والانسان والتاريخ   ،  جيل  يتعلم  التضحية والاباء والاحتراف  على يد خضر ومن معه    ، جيل حمل  الوجع  في الخاصرة ومضى الى الاخرة بخطى المنتصر  تاركا الارض امانة   بيد  الجيل الذي  تطاول جزء منه على القيم  وصار يائسا وغير مكترث لما ذهب ولما سيذهب  واعتبر  ان ما ذهب  قد  ذهب  ،    وكيف لنا ان ننسى وطنا  يضم  الحرم الذي  تشد اليه الرحال كما جاء على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم    والمكان الذي اسري  اليه  وعرج منه  والمكان  الذي صلى فيه الانبياء  وارض   الاجداد  التي  ما خرجوا منها طواعية  ولكنهم  أُخرجو منها قسرا  وما كان على خضر  الا ان يضحي  بما يستطيع  ويضحي لاجل الارض التي ما استكانت  ولا هادنت  ويا الله لو كان بين ظهرانينا الف خضر ما  سيقت تلك الارض التي احتلت الى مهاوي الردى الى  حفنة باغية وباستخفاف حفنة مهادنة ،  والحمدلله  ان الارض التي دافع  عنها خضر ورفاقه بقيت صامدة  ولم يعث بها المحتل فسادا  ،  علينا ان نستعيد القدوة الحقيقية الذي مثلها خضر  ونرسم طريقا لهذا الجيل الذي غرق في عالم افتراضي   وعبر  تطبيقات والعاب  ومواقع  ليبتعد عن القيم والقدوة و عن هذا المثال الذي  كان انذاك عاديا  وصار الان  رسما من الخيال  رحم الله خضر وكل الذين ضحوا  بارواحهم فداء لدينهم ووطنهم والقيم التي تربوا عليها .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023