القسم :
علوم وتكنولوجيا
نشر بتاريخ :
17/05/2025
توقيت عمان - القدس
11:33:41 PM
نجح مهندسون
من جامعة RMIT الأسترالية في تطوير جهاز عصبي
متطور يحاكي بدقة طريقة عمل الدماغ البشري، حيث يتمتع الجهاز بقدرات مذهلة على
التعرف على حركات اليد، وتخزين الذكريات بكفاءة، ومعالجة البيانات المرئية في
الوقت الفعلي.
ويُعتبر هذا
الابتكار الجديد نقلة نوعية واعدة في مجالات متعددة، بما في ذلك تطوير الروبوتات
الذكية، والمركبات ذاتية القيادة الآمنة، وأنظمة التفاعل البشري الأكثر تطورًا
وسلاسة.
وقام الفريق
العلمي الذي قاده البروفيسور سوميت واليا، رئيس مركز المواد والمستشعرات البصرية
الإلكترونية في الجامعة، بتطوير هذا الجهاز العصبي باستخدام مادة فائقة الرقة من
ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS₂). تتميز هذه المادة بقدرتها الفريدة على
التقاط الضوء بكفاءة عالية وتحويله إلى إشارات كهربائية تحاكي بدقة عمل الخلايا
العصبية في الدماغ البشري. ويعمل الجهاز بطريقة مشابهة لآلية عمل الدماغ، حيث يقوم
بتخزين الإشارات الواردة، ثم يطلق "نبضات" كهربائية عندما يتراكم قدر
كافٍ منها. وبفضل هذه الآلية، يستطيع الجهاز الاستجابة الفورية للتغيرات التي تحدث
في البيئة المحيطة به دون الحاجة إلى استهلاك كميات كبيرة من الطاقة أو استغراق
وقت طويل في معالجة البيانات.
وأوضح
البروفيسور واليا قائلاً: "هذا الجهاز التجريبي المبتكر يحاكي بشكل فعال قدرة
العين البشرية على التقاط الضوء وقدرة الدماغ على معالجة المعلومات البصرية
المعقدة. وهذا يجعله قادرًا على الإحساس بالتغيرات البيئية بشكل فوري وتكوين
ذكريات لهذه التغيرات دون الحاجة إلى كميات هائلة من البيانات أو استهلاك كميات
كبيرة من الطاقة."
وفي سلسلة من
الاختبارات الدقيقة، حقق الجهاز نتائج مبهرة، حيث بلغت دقته في التعرف على الصور
الثابتة 75% بعد إجراء 15 دورة تدريبية فقط. كما وصلت دقته في تنفيذ المهام
الديناميكية إلى 80% بعد 60 دورة تدريبية. بالإضافة إلى ذلك، أظهر الجهاز قدرة
فائقة على اكتشاف حركة اليد من خلال الإدراك الكنتوري، وهي تقنية تقلل بشكل كبير
من الحاجة إلى معالجة كل إطار فيديو على حدة، مما يوفر قدرًا كبيرًا من الطاقة.
كما أن قدرة الجهاز على تخزين "ذكريات" للتغيرات في المشهد تجعله أقرب
في أدائه إلى الدماغ البشري.
ويرى الباحثون
أن هذه الأنظمة العصبية الاصطناعية تحمل في طياتها إمكانات هائلة لتطوير تقنيات
ذكية تتميز بكفاءة عالية في استهلاك الطاقة.
وأضاف
الحوراني، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة: "تمكّن هذه التقنية العصبية
الشكلية الروبوتات من التعرف على سلوك الإنسان بسرعة ودقة أكبر، وهو أمر بالغ
الأهمية في البيئات الصناعية أو حتى المنزلية عندما تعمل الروبوتات بالقرب من
البشر."
وأكد
البروفيسور واليا قائلاً: "على عكس الأنظمة الرقمية التقليدية التي تستهلك
كميات كبيرة من الطاقة لمعالجة البيانات، يعمل جهاز RMIT
بطريقة تماثلية تحاكي طريقة عمل الدماغ البشري، مما يجعله مثاليًا لتنفيذ المهام
في الوقت الفعلي. ويُعد هذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة للمركبات ذاتية القيادة،
حيث يمكن لرد الفعل السريع تجاه التغيرات المرئية المفاجئة أن ينقذ حياة. كما أن
هذه التقنية ستمكن الرؤية العصبية الاصطناعية من اكتشاف التغيرات الطارئة في
البيئة فور حدوثها تقريبًا دون الحاجة إلى معالجة كميات ضخمة من البيانات، مما
يضمن استجابة أسرع وبالتالي إنقاذ الأرواح."
ويتفوق الجهاز
الجديد أيضًا على الأنظمة السابقة التي تعتمد على الأشعة فوق البنفسجية، حيث يعمل
بكفاءة عالية في الطيف المرئي للضوء ويدعم إعادة ضبط الذاكرة لتنفيذ مهام جديدة.
وهذا يفتح الباب أمام تطبيقات أكثر تعقيدًا، مثل تطوير أنظمة رؤية بالأشعة تحت
الحمراء لمراقبة الانبعاثات الضارة أو الكشف المبكر عن المواد السامة.
واختتم
البروفيسور واليا قائلاً: "نحن نرى أن عملنا هذا يمثل إضافة قيمة ومكملًا
للحوسبة التقليدية، وليس بديلاً عنها بشكل كامل. وتقدم هذه التقنية العصبية
الاصطناعية ميزات فريدة في معالجة البيانات المرئية، خاصة في الحالات التي تكون
فيها كفاءة استهلاك الطاقة والمعالجة الفورية للبيانات ذات أهمية قصوى."
الحقيقة
الدولية - وكالات